الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لإِلَى ٱلْجَحِيمِ }

{ ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ } أي مصيرهم، وقد قرىء كذلك، وقرىء أيضاً { ثم إن منفذهم } { لإِلَى ٱلْجَحِيمِ } أي إلى مقرهم من النار فإن في جهنم مواضع أعد في كل موضع منها نوع من البلاء فالقوم يخرجون من محل قرارهم حيث تأجج النار ويساقون إلى موضع آخر مما دارت عليه جهنم فيه ذلك الشراب ليردوه ويسقوا منه ثم يردون إلى محلهم كما تخرج الدواب إلى مواضع الماء في البلد مثلاً لترده ثم ترد إلى محلها، وإلى هذا المعنى أشار قتادة ثم تلا قوله تعالى:/هَـٰذِهِ جَهَنَّمُ ٱلَّتِى يُكَذّبُ بِهَا ٱلْمُجْرِمُونَ * يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ ءانٍ } [الرحمن: 43ـ44] ويؤيده قراءة ابن مسعود { ثم إن منقلبهم } إذ الانقلاب أظهر في الرد أو المراد ثم إن مرجعهم إلى دركات الجحيم فهم يرددون في الجحيم من مكان إلى آخر أدنى منه.

وقيل: إن الشراب يقدم إليهم قبل دخول النار فيشربون ويصيرون إلى الجحيم، وهذا يحتاج إلى توقيف وإلا فهو خلاف الظاهر، وكأن بين خروج القوم للشرب وعودهم إلى مساكنهم زماناً غير يسير يتجرعون فيه ذلك الشراب ولذا جيء بثم، وهذا الشراب في مقابلة ما لأهل الجنة من الشراب المدلول عليه بقوله تعالى:يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مّن مَّعِينٍ * بَيْضَاء لَذَّةٍ لّلشَّـٰرِبِينَ } [الصافات: 45ـ46] الخ كما أن الزقوم في مقابلة ما لهم من الفواكه. وقد جاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما لو أن قطرة من زقوم جهنم أنزلت إلى الأرض لأفسدت على الناس معايشهم أخرجه ابن أبـي شيبة فكيف بمن هو طعامه وشرابه الغساق والصديد مع الحميم. نسأل الله تعالى رضاه والجنة ونعوذ به عز وجل من غضبه والنار. وقوله سبحانه: { إِنَّهُمْ أَلْفَوْاْ آبَآءَهُمْ... }.