الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَىٰ إِسْحَاقَ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ }

{ وَبَـٰرَكْنَا عَلَيْهِ } أي على إبراهيم عليه السلام { وَعَلَىٰ إِسْحَـٰقَ } أي أفضنا عليهما بركات الدين والدنيا بأن كثرنا نسلهما وجعلنا منهم أنبياء ورسلاً. وقرىء { بركنا } بالتشديد للمبالغة { وَمِن ذُرّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ } في عمله أو على نفسه بالإيمان والطاعة.

{ وَظَـٰلِمٌ لّنَفْسِهِ } بالكفر والمعاصي ويدخل فيها ظلم الغير { مُّبِينٌ } ظاهر ظلمه، وفي ذلك تنبيه على أن النسب لا أثر له في الهدى والضلال وأن الظلم في الأعقاب لا يعود على الأصول بنقيصة وعيب.

هذا وفي الآيات بعد أبحاث الأول أنهم اختلفوا في الذبيح فقال ـ على ما ذكره الجلال السيوطي في رسالته " القول الفصيح في تعيين الذبيح " ـ علي وابن عمر وأبو هريرة وأبو الطفيل وسعيد بن جبير ومجاهد والشعبـي ويوسف بن مهران والحسن البصري ومحمد بن كعب القرظي وسعيد بن المسيب وأبو جعفر الباقر وأبو صالح والربيع بن أنس والكلبـي وأبو عمرو بن العلاء وأحمد بن حنبل وغيرهم أنه إسماعيل عليه السلام لا إسحاق عليه السلام وهو إحدى الروايتين عن ابن عباس ورجحه جماعة خصوصاً غالب المحدثين وقال أبو حاتم: هو الصحيح. وفي " الهدي " أنه الصواب عند علماء الصحابة والتابعين فمن بعدهم. وسئل أبو سعيد الضرير عن ذلك فأنشد:

إن الذبيح هديت إسماعيل   نص الكتاب بذاك والتنزيل
شرف به خص الإله نبينا   وأتى به التفسير والتأويل
إن كنت أمته فلا تنكر له   شرفاً به قد خصه التفضيل
وفي دعواه النص نظر وهو المشهور عند العرب قبل البعثة أيضاً كما يشعر به أبيات نقلها الثعالبـي في " تفسيره " عن أمية بن أبـي الصلت واستدل له بأنه الذي وهب لإبراهيم عليه السلام إثر الهجرة وبان البشارة بإسحاق/ بعد معطوفة على البشارة بهذا الغلام، والظاهر التغاير فيتعين كونه إسماعيل وبأنه بشر بأن يوجد وينبأ فلا يجوز ابتلاء إبراهيم عليه السلام بذبحه لأنه علم أن شرط وقوعه منتف. والجواب بأن الأول بشارة بالوجود وهذا بشارة بالنبوة ولكن بعد الذبح، قال صاحب " الكشف ": ضعيف لأن نظم الآية لا يدل على أن البشارة بنبوته بل على أن البشارة بأمر مقيد بالنبوة فإما أن يقدر بوجود إسحاق بعد الذبح ولا دلالة في اللفظ عليه وإما أن يقدر الوجود مطلقاً وهو المطلوب، فإن قلت: يكفي الدلالة تقدم البشارة بالوجود أولاً قلت: ذاك عليك لا لك ومن يسلم أن المتقدم بشارة بإسحاق حتى يستتب لك المرام وبأن البشارة به وقعت مقرونة بولادة يعقوب منه على ما هو الظاهر في قوله تعالى في هود [71]:فَبَشَّرْنَـٰهَا بِإِسْحَـٰقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَـٰقَ يَعْقُوبَ }

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7