الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ }

وقوله تعالى: { سَلَـٰمٌ } جوز أن يكون بدلاً منما } [يس: 57] بدل بعض من كل ولزوم الضمير غير مسلم، وقوله تعالى:/ { قَوْلاً } مفعول مطلق لفعل محذوف والجملة صفة سلاماً، وقوله تعالى: { مّن رَّبّ رَّحِيمٍ } صفة { قَوْلاً } أي سلام يقال لهم قولاً من جهة رب رحيم أي يسلم عليهم من جهته تعالى بلا واسطة تعظيماً لهم. فقد أخرج ابن ماجه وجماعة عن جابر قال: " قال النبـي صلى الله عليه وسلم بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور فرفعوا رؤسهم فإذا الرب قد أشرف عليهم من فوقهم فقال السلام عليكم يا أهل الجنة وذلك قول الله تعالى: { سَلاَمٌ قَوْلاً مّن رَّبّ رَّحِيمٍ } قال فينظر إليه وينظرون إليه فلا يلتفتون إلى شيء من النعيم ما داموا ينظرون إليه حتى يحتجب عنهم ويبقى نوره وبركته عليهم في ديارهم " وقيل بواسطة الملائكة عليهم السلام لقوله تعالى:وَالمَلَـٰئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مّن كُلّ بَابٍ * سَلَـٰمٌ عَلَيْكُمُ } [الرعد: 23ـ24] وروي ذلك عن ابن عباس وعلى الأول الأكثرون، وأما ما قيل إن ذلك سلام الملائكة على المؤمنين عند الموت فليس بشيء. والبدلية المذكورة مبنية على أن (ما) عامة. وجوز أن يكون بدل كل من كل على تقدير أن يراد بها خاص أو على ادعاء الاتحاد تعظيماً، ولا بأس في إبدال هذه النكرة منها على تقدير موصوليتها لأنها نكرة موصوفة بالجملة بعدها، على أنه يجوز أن يلتزم جواز إبدال النكرة من المعرفة مطلقاً من غير قبح.

ويجوز أن يكون { سَلَـٰمٌ } خبر مبتدأ محذوف والجملة بعده صفته أي هو أو ذلك سلام يقال قولاً من رب رحيم، والضمير لما وكذا الإشارة، وجوز أن يكون صفة لما أي لهم ما يدعون سالم أو ذو سلامة مما يكره، و { قَوْلاً } مصدر مؤكد لقوله تعالى: { لَهُمْ مَّا يَدَّعُونَ * سَلَـٰمٌ } أي عدة من رب رحيم، وهذه الوصفية على تقدير كون (ما) نكر موصوفة ولا يصح على تقدير كونها موصولة للتخالف تعريفاً وتنكيراً وأن يكون خبراً لما، و { لَهُمْ } متعلق به لبيان الجهة كما يقال لزيد: الشرف متوفر أي ما يدعون سالم لهم خالص لا شوب فيه، ونصب { قَوْلاً } على ما سمعت آنفاً. وفي «الكشاف» الأوجه أن ينتصب على الاختصاص وهو من مجازه فيكون الكلام جملة مفصولة عما سبق ولا ضير في نصب النكرة على ذلك.

وجوز أن يكون مبتدأ خبره محذوف أي ولهم سلام يقال قولاً من رب رحيم، وقد الخبر مقدماً لتكون الجملة على أسلوب أخواتها لا ليسوغ الابتداء بالنكرة فإن النكرة موصوفة بالجملة بعدها، وظاهر كلامهم تقدير العاطف أيضاً ويمكن أن لا يقدر، وفصل الجملة على ما قيل لأنها كالتعليل لما تضمنته الآي قبلها فإن سلام الرب الرحيم منشأ كل تعظيم وتكريم، وجوز على تقدير كونه مبتدأ تقدير الخبر المحذوف عليهم؛ قال الإمام: فيكون ذلك إخباراً من الله تعالى في الدنيا كأنه سبحانه حكى لنا وقال جل شأنه:

السابقالتالي
2