الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَآيَةٌ لَّهُمُ ٱلأَرْضُ ٱلْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ }

{ وَءايَةٌ لَّهُمُ ٱلاْرْضُ ٱلْمَيْتَةُ } بالتخفيف وقرأ نافع بالتشديد، و { آيةً } خبر مقدم للاهتمام وتنكيرها للتفخيم و { لَهُمْ } إما متعلق بها لأنها بمعنى العلامة أو متعلق بمضمر هو صفة لها وضمير الجمع لكفار أهل مكة ومن يجري مجراهم في إنكار الحشر. و { ٱلأَرْضِ } مبتدأ و { ٱلْمَيْتَةُ } صفتها، وقوله تعالى: { أَحْيَيْنَـٰهَا } استئناف مبين لكيفية كونها آية، وقيل في موضع الحال والعامل فيها (آية) لما فيها من معنى الإعلام وهو تكلف ركيك، وقيل { آيةً } مبتدأ أول و { لَهُمْ } صفتها أو متعلق بها وكل من الأمرين مسوغ للابتداء بالنكرة و { ٱلأَرْضُ ٱلْمَيْتَةُ } مبتدأ ثان وصفة وجملة { أَحْيَيْنَـٰهَا } خبر المبتدأ الثاني وجملة المبتدأ الثاني وخبره خبر المبتدأ الأول ولكونها عين المبتدأ كخبر ضمير الشأن لم تحتج لرابط، قال الخفاجي: وهذا حسن جداً إلا أن النحاة لم يصرحوا به في غير ضمير الشأن، وقيل إنها مؤولة بمدلول هذا القول فلذا لم يحتج لذلك ولا يخفى بعده، وقيل { آيه } مبتدأ و { ٱلأَرْضِ } خبره وجملة { أَحْيَيْنَـٰهَا } صفة الأرض لأنها لم يرد بها أرض معينة بل الجنس فلا يلزم توصيف المعرفة بالجملة التي هي في حكم النكرة، ونظير ذلك قوله
:   ولقد أمر على اللئيم يسبني
فمضيت ثمت قلت لا يعنيني   
وأنكر جواز ذلك أبو حيان مخالفاً للزمخشري وابن مالك في " التسهيل " وجعل جملة يسبني حالاً من اللئيم. وأنت تعلم أن المعنى على استمرار مروره على من يسبه وإغماضه عنه ولهذا قال: أمر وعطف عليه فمضيت والتقييد بالحال لا يؤدي هذا المؤدى، ثم إن مدار الخبرية إرادة الجنس فليس هناك إخبار بالمعرفة عن النكرة ليكون مخالفاً للقواعد كما قيل نعم أرجح الأوجه ما قرر أولاً. وقد مر المراد بموت الأرض وإحيائها فتذكر.

{ وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً } أي جنس الحب من الحنطة والشعير والأرز وغيرها، والنكرة قد تعم كما إذا كانت/ في سياق الامتنان أو نحوه. وفي ذكر الإخراج وكذا الجعل الآتي تنبيه على كمال الإحياء { فَمِنْهُ } أي من الحب بعد إخراجنا إياه، والفاء داخلة على المسبب ومن ابتدائية أو تبعيضية والجار والمجرور متعالق بقوله تعالى { يَأْكُلُونَ } والتقديم للدلالة على أن الحب معظم ما يؤكل ويعاش به لما في ذلك من إيهام الحصر للاهتمام به حتى كأنه لا مأكول غيره.