الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ يسۤ }

الكلام فيه كالكلام فيالۤمۤ } [البقرة: 1] ونحوه من الحروف المقطعة في أوائل السور إعراباً ومعنى عند كثير. وأخرج ابن أبـي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبـي حاتم من طرق عن ابن عباس أنه قال: يس يا انسان وفي رواية أخرى عنه زيادة بالحبشية وفي أخرى عنه أيضاً في لغة طي. قال الزمخشري: إن صح هذا فوجهه أن يكون أصله يا أنيسين فكثر النداء به على ألسنتهم حتى اقتصروا على شطره كما في القسم م الله في أيمن الله. وتعقبه أبو حيان بأن المنقول عن العرب في تصغير إنسان أنيسيان بياء قبل الألف وهو دليل على أن الإنسان من النسيان وأصله إنسيان فلما صغر رده التصغير إلى أصله ولا نعلمهم قالوا في تصغيره أنيسين، وعلى تقدير أنه بقية أنيسين فلا يجوز ذلك إلا أن يبنى على الضم ولا يبقى موقوفاً لأنه منادى مقبل عليه ومع ذلك لا يجوز التصغير في أسماء الأنبياء عليهم السلام كما لا يجوز في أسماء الله عز وجل، وما ذكره في ـ م ـ من أنه شطر أيمن قول، ومن النحويين من يقول ـ م ـ حرف قسم وليس شطر أيمن انتهى.

قال الخفاجي: لزوم البناء على الضم مما لا كلام فيه فلعل من فسره بذلك يقرؤه بالضم على الأوجه فيه، وأما الاعتراضان الآخران فلا ورود لهما أصلاً، فأما الأول فلأن من يقول أنيسيان على خلاف القياس وهو الأصح لا يلزمه فيما غير منه أن يقدره كذلك وهو لم يلفظ به حتى يقال له: إنك نطقت بما لم تنطق به العرب بل هو أمر تقديري، فإذا قال: المقدر مفروض عندي على القياس هل يتوجه عليه السؤال، وأما الأخير فلأن / التصغير في نحو ذلك إنما يمتنع منا وأما من الله تعالى فله سبحانه أن يطلق على نفسه عز وجل وعظماء خلقه ما أراد ويحمل حينئذ على ما يليق كالتعظيم والتحبيب ونحوه من معاني التصغير كما قال ابن الفارض:
ما قلت حبيبي من التحقير   بل يعذب اسم الشيء بالتصغير
والذي قاله أبو حيان في توجيه ذلك أنهم يقولون إيسان بمعنى إنسان ويجمعون على أياسين فهذا منه ولا يخفى أنه يحتاج إلى إثبات وبعده لا يخفى ما في التخريج عليه.

وقالت فرقة: يا حرف نداء والسين مقامة مقام إنسان انتزع منه حرف فأقيم مقامه، ونظيره ما جاء في الحديث " كفى بالسيف شا " أي شاهداً، وأيد بما ذهب إليه ابن عباس فيحـمۤ * عۤسۤقۤ } [الشورى: 1-2] ونحوه من أنها حروف من جملة أسماء له تعالى وهي رحيم وعليم وسميع وقدير ونحو ذلك.

السابقالتالي
2