الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِيۤ أَحَلَّنَا دَارَ ٱلْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلاَ يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ }

{ ٱلَّذِى أَحَلَّنَا دَارَ ٱلْمُقَامَةِ } أي دار الإقامة التي لا انتقال عنها أبداً وهي الجنة { مِن فَضْلِهِ } من إنعامه سبحانه وتفضله وكرمه فإن العمل وإن كان سبباً لدخول الجنة في الجملة لكن سببيته بفضل الله عز وجل أيضاً إذ ليس هناك استحقاق ذاتي، ومن علم أن العمل متناه زائل وثواب الجنة دائم لا يزول لم يشك في أن الله تعالى ما أحل من أحل دار الإقامة إلا من محض فضله سبحانه وقال الزمخشري: ((أي من إعطائه تعالى وإفضاله من قولهم لفلان فضول على قومه / وفواضل وليس من الفضل الذي هو التفضل لأن الثواب بمنزلة الأجر المستحق والتفضل كالتبرع)) وفيه من الاعتزال ما فيه.

{ لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ } أي تعب { وَلاَ يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ } كلال وفتور وهو نتيجة النصب، وضمه إليه وتكرير الفعل المنفي للمبالغة في بيان انتفاء كل منهما كذا قال جمع من الأجلة، وقال بعضهم: النصب التعب الجسماني واللغوب التعب النفساني. وأخرج ابن جرير عن قتادة أنه فسر النصب بالوجع والكلام من باب:
لا ترى الضب بها ينجحر   
والجملة حال من أحد مفعولي (أحل).

وقرأ علي كرم الله تعالى وجهه والسلمي { لغوب } بفتح اللام، قال الفراء: هو ما يلغب به كالفطور والسحور، وجاز أن يكون صفة لمصدر محذوف أي لا يمسنا فيها لغوب لغوب نحو شعر شاعر كأنه وصف اللغوب بأنه قد لغب أي أعيـى وتعب. وقال صاحب «اللوامح» يجوز أن يكون مصدراً كالقبور وإن شئت جعلته صفة لمضمر أي أمر لغوب.