الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَّ يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِن بَعْدُ وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيباً }

{ لاَّ يَحِلُّ لَكَ ٱلنّسَاء } بالياء لأن تأنيث الجمع غير حقيقي وقد وقع بفصل أيضاً، والمراد بالنساء الجنس الشامل للواحدة ولم يؤت بمفرد لأنه لا مفرد له من لفظه والمرأة شاملة للجارية وليست بمرادة، واختصاص النساء بالحرائر بحكم العرف، وقرأ البصريان بالتاء الفوقية، وسهل وأبو حاتم يخير فيهما، وأياً ما كان فالمراد يحرم عليك نكاح النساء { مِن بَعْدِ } قيل أي من بعد التسع اللاتي في عصمتك اليوم، أخرج ابن سعد عن عكرمة قال: لما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم أزواجه اخترنه فأنزل الله تعالى لا يحل لك النساء من بعد هؤلاء التسع اللاتي / اخترنك أي لقد حرم عليك تزويج غيرهن؛ وأخرج أبو داود في «ناسخه» وابن مردويه والبيهقي في «سننه» عن أنس قال لما خيرهن فاخترن الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم قصره عليهن فقال سبحانه: { لاَّ يَحِلُّ لَكَ ٱلنّسَاء مِن بَعْدُ } وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس أنه قال في الآية حبسه الله تعالى عليهن كما حبسهن عليه عليه الصلاة والسلام، وقدر بعضهم المضاف إليه المحذوف اختياراً أي من بعد اختيارهن الله تعالى ورسوله. وقال الإمام: هو أولى وكأن ذلك لكونه أدل على أن التحريم كان كرامة لهن وشكراً على حسن صنيعهن. وجوز أخر أن يكون التقدير من بعد اليوم وماله تحريم من عدا اللاتي اخترنه عليه الصلاة والسلام. وحكى في «البحر» عن ابن عباس وقتادة قال: لما خيرن فاخترن الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم جازاهن أن حظر عليه النساء غيرهن وتبديلهن ونسح سبحانه بذلك ما أباحه له قبل من التوسعة في جميع النساء، وحكى أيضاً عن مجاهد وابن جبير أن المعنى من بعد إباحة النساء على العموم، وقيل التقدير من بعد التسع على معنى أن هذا العدد مع قطع النظر عن خصوصية المعدود نصابه صلى الله عليه وسلم من الأزواج كما أن الأربع نصاب أمته منهن فالمعنى لا يحل لك الزيادة على التسع.

{ وَلاَ أَن تَبَدَّلَ } أصله تتبدل فخفف بحذف إحدى التاءين أي ولا يحل لك أن تستبدل { بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ } بأن تطلق واحدة منهن وتنكح بدلها أخرى، ففي الآية حكمان حرمة الزيادة وحرمة الاستبدال، وظاهره أنه يحل له عليه الصلاة والسلام نكاح امرأة أخرى على تقدير أن تموت واحدة من التسع، وإذا كان المراد من الآية تحريم من عدا اللاتي اخترنه عليه الصلاة والسلام أفادت الآية أنه لو ماتت واحدة منهن لم يحل له نكاح أخرى، وكلام ابن عباس السابق ظاهر في ذلك جداً، وكأن قوله تعالى: { وَلاَ أَن تَبَدَّلَ } الخ عليه لدفع توهم أن المحرم ليس إلا أن يرعهن صلى الله عليه وسلم بواحدة من الضرائر.

السابقالتالي
2 3 4