الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ تُرْجِي مَن تَشَآءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِيۤ إِلَيْكَ مَن تَشَآءُ وَمَنِ ٱبْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَىٰ أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلاَ يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَآ آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قلُوبِكُمْ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَلِيماً }

{ تُرْجِى مَن تَشَاء مِنْهُنَّ } أي تؤخر من تشاء من نسائك وتترك مضاجعتها { وَتُؤْوِى إِلَيْكَ مَن تَشَاء } وتضم إليك من تشاء منهن وتضاجعها، وروي هذا عن قتادة. وعن ابن عباس والحسن أي تطلق من تشاء منهن وتمسك من تشاء، وقال بعضهم: الإرجاء والإيواء / لإطلاقهما يتناولان ما في التفسيرين وما ذكر فيهما فإنما هو من باب التمثيل ولا يخلو عن حسن، وفي رواية عن الحسن أن ضمير { مِنْهُنَّ } لنساء الأمة والمعنى تترك نكاح من تشاء من نساء أمتك فلا تنكح وتنكح منهن من تشاء. وقال: كان صلى الله عليه وسلم إذا خطب امرأة لم يكن لغيره أن يخطبها حتى يتركها وعن زيد بن أسلم والطبري أنه للواهبات أنفسهن أي تقبل من تشاء من المؤمنات اللاتي يهبن أنفسهن لك فتؤويها إليك وتترك من تشاء منهن فلا تقبلها، وعن الشعبـي ما يقتضيه، فقد أخرج ابن سعد والبيهقي في «السنن» وغيرهما عنه قال: كن نساء وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل ببعضهن وأرجأ بعضهن فلم يقربن حتى توفي عليه الصلاة والسلام ولم ينكحن بعده، منهن أم شريك فذلك قوله تعالى: { تُرْجِى مَن تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِى إِلَيْكَ مَن تَشَاء } ويشهد لما تقدم من رجوعه إلى النساء ما أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبـي حاتم وغيرهم عن أبـي رزين قال: هم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطلق من نسائه فلما رأين ذلك أتينه فقلن لا تخل سبيلنا وأنت في حل فيما بيننا وبينك افرض لنا من نفسك ومالك ما شئت فأنزل الله تعالى الآية فأرجأ منهن نسوة وكان ممن أرجأ ميمونة وجويرية وأم حبيبة وصفية وسودة وكان ممن آوى عائشة وحفصة وأم سلمة وزينب رضي الله تعالى عنهن أجمعين. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وأبو بكر { ترجىء } بالهمزة وهو عند الزجاج أجود والمعنى واحد.

{ وَمَنِ ٱبْتَغَيْتَ } أي طلبت { مِمَّنْ عَزَلْتَ } أي تجنبت وحمل هذا التجنب على ما كان بطلاق، و(من) شرطية منصوبة بما بعدها، وقوله تعالى: { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ } جوابها أي من طلبتها ممن طلقت فليس عليك إثم في طلبها أو موصولة والجملة خبرها أي والتي طلبتها لا جناح عليك في طلبها والمراد نفي أن يكون عليه عليه الصلاة والسلام إثم في إرجاع المطلقة، وقيل (من) موصولة معطوفة على { مَن تَشَاء } الثاني والمراد به غير المطلقة ومعنى فلا جناح عليك فلا إثم عليك في شيء مما ذكر من الإرجاء والإيواء والابتغاء والمراد تفويض ذلك إلى مشيئته صلى الله عليه وسلم. وقال بعضهم: المراد به ما كان بترك مضاجعة بدون طلاق.

السابقالتالي
2 3 4