الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ ٱللاَّتِيۤ آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاَتِكَ ٱللاَّتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَٱمْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ ٱلنَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِيۤ أَزْوَاجِهِـمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلاَ يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }

{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوٰجَكَ ٱللاَّتِى ءاتَيْتَ أُجُورَهُنَّ } أي مهورهن كما قال مجاهد، وغيره وأطلق الأجر على المهر لأنه أجر على الاستمتاع بالبضع وغيره مما يجوز به الاستمتاع وتقييد الإحلال له بإعطائها معجلة كما يفهم من معنى { ءاتَيْتَ } ظاهراً ليس لتوقف الحل عليه بل لإيثار الأفضل له صلى الله عليه وسلم فإن في التعجيل براءة الذمة وطيب النفس ولذا كان سنة السلف لا يعرف منهم غيره. وقال الإمام: من الناس من قال بأن النبـي عليه الصلاة والسلام كان يجب عليه إعطاء المهر أولاً وذلك لأن المرأة لها الامتناع من تسليم نفسها إلى أن تأخذ المهر والنبـي صلى الله عليه وسلم ما كان يستوفي ما لا يجب له والوطء قبل إيتاء الصداق غير مستحق وإن كان حلالاً [لنا] وكيف والنبـي عليه الصلاة والسلام إذا طلب شيئاً حرم الامتناع فلو طلب التمكين قبل إيتاء المهر لزم أن يجب وأن لا يجب وهو محال ولا كذلك أحدنا اهـ، وفيه بحث لا يخفى، وحمل الإيتاء على الإعطاء وما في حكمه كالتسمية في العقد، وجعل التقييد لإيثار الأفضل أيضاً فإن التسمية أولى من تركها وإن جاز العقد بدونها ولزم مهر المثل خلاف الظاهر.

واستدل أبو الحسن الكرخي من أصحابنا بقوله تعالى: { إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوٰجَكَ ٱللاَّتِى ءاتَيْتَ أُجُورَهُنَّ } على أن النكاح ينعقد بلفظ الإجارة كما ينعقد بلفظ التزويج ويكون لفظ الإجارة مجازاً عنه لأن الثابت بكل منهما ملك منفعة فوجد المشترك، ورد بأنه لا يلزم من تسمية المهر أجراً صحة النكاح بلفظ الإجارة وما ذكر من التجوز ليس بشيء لأن الإجارة ليست سبباً لملك المنفعة حتى يتجوز بها عنه قاله في «الهداية»، وقال بعضهم: إن الإجارة لا تنعقد إلا مؤقتة والنكاح يشترط فيه نفيه فيتضادان فلا يستعار أحدهما للآخر. وتعقب بأنه إن كان المتضادان هما العرضين اللذين لا يجتمعان في محل واحد لزمكم مثله في البيع من كونه لا يجامع النكاح مع جواز العقد به عند الأصحاب، على أن التحقيق أن التوقيت ليس مفهوم لفظ الإجارة ولا جزءاً منه بل شرط لاعتباره فيكون خارجاً عنه فهو مجرد تمليك المنافع بعوض غير أنه إذا وقع مجرداً لا يعتبر شرعاً على مثال الصلاة فإنها الأقوال والأفعال المعروفة ولو وجدت من غير طهارة لا تعتبر، ولا يقال: إن الطهارة جزء مفهوم الصلاة.

هذا ومثل تقييد إحلال الأزواج بما ذكر على ما قيل تقييد إحلال المملوكة بكونها ممن باشر سبيها وشاهده في قوله تعالى: { وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء ٱللَّهُ عَلَيْكَ } فإن المشتراة لا يتحقق بدء أمرها وما جرى عليها جواز كون السبـي ليس في محله، ولذا نكح بعض المتورعين الجواري بعقد بعد الشراء مع القول بعدم صحة العقد على الإماء.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد