الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ }

{ تَنزِيلُ ٱلْكِتَـٰبِ } خبر بعد خبر على أنه مصدر باق على معناه لقصد المبالغة أو بتقدير مضاف أو هو مؤل باسم المفعول أي منزل وإضافته إلى الكتاب من إضافة الصفة إلى الموصوف أو بيانية بمعنى من، وقوله سبحانه: { لاَ رَيْبَ فِيهِ } خبر ثالث، وقوله تعالى: { مِن رَّبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } خبر رابع، وجوز أن يكون { الۤـمۤ } مبتدأ وما بعده إخبار له أي المسمى بالم الكتاب المنزل لا ريب فيه كائن من رب العالمين، وتعقب بأن ما يجعل عنواناً للموضوع حقه أن يكون قبل ذلك معلوم الانتساب إليه وإذ لا عهد بالنسبة قبل فحقها الإخبار بها.

وقال أبو البقاء: { الۤـمۤ } يجوز أن يكون مبتدأ و { تَنزِيلَ } بمعنى منزل خبره و { لاَ رَيْبَ فِيهِ } حال من { ٱلْكِتَـٰبِ } والعامل فيها المضاف وهي حال مؤكدة و { مَن رَّبُّ } متعلق بتنزيل، ويجوز أن يكون متعلقاً بمحذوف هو حال من الضمير المجرور في { فِيهِ } والعامل فيها الظرف { لاَ رَيْبَ } لأنه هنا مبني وفيه ما سمعت، وهذا التعلق يجوز أيضاً على تقدير أن يكون { الۤـمۤ } خبر مبتدأ محذوف وما بعده إخباراً لذلك المحذوف، وإن جعل { الۤـمۤ } مسروداً على نمط التعديد فلا محل له من الإعراب، وفي إعراب ما بعد عدة أوجه، قال أبو البقاء: يجوز أن يكون { تَنزِيلَ } مبتدأ و { لاَ رَيْبَ فِيهِ } الخبر و { مَن رَّبُّ } حال كما تقدم، ولا يجوز على هذا أن يتعلق بتنزيل لأن المصدر قد أخبر عنه، ويجوز أن يكون الخبر { مَن رَّبُّ } و { لاَ رَيْبَ } حالاً من { ٱلْكِتَـٰبِ } وأن يكون خبراً بعد خبر انتهى.

ووجه منع التعلق بالمصدر بعدما أخبر عنه أنه عامل ضعيف فلا يتعدى عمله لما بعد الخبر وعن التزام حديث التوسع في الظرف سعة هنا أو أن المتعلق من تمامه والاسم لا يخبر عنه قبل تمامه، وجوز ابن عطية / تعلق { مَن رَّبُّ } بريب وفيه أنه بعيد عن المعنى المقصود، وجوز الحوفي كون { تَنزِيلَ } خبر مبتدأ محذوف أي المؤلف من جنس ما ذكر تنزيل الكتاب، وقال أبو حيان: الذي اختاره أن يكون { تَنزِيلَ } مبتدأ و { لاَ رَيْبَ فِيهِ } اعتراض لا محل له من الإعراب و { مِن رَّبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } الخبر وضمير { فِيهِ } راجع لمضمون الجملة أعني كونه منزلاً من رب العالمين لا للتنزيل ولا للكتاب كأنه قيل: لا ريب في ذلك أي في كونه منزلاً من رب العالمين وهذا ما اعتمد عليه الزمخشري وذكر أنه الوجه ويشهد لوجاهته قوله تعالى: { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ }.