الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ءَايَاتُنَا وَلَّىٰ مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِيۤ أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }

{ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ } ففي الآية مراعاة اللفظ ثم مراعاة المعنى ثم مراعاة اللفظ ونظيرها في ذلك قوله تعالى في سورة الطلاق [11] { وَمَن يُؤْمِن بِٱللَّهِ } الآية، قال أبو حيان: ولا نعلم جاء في القرآن ما حمل على اللفظ ثم على المعنى ثم على اللفظ غير هاتين الآيتين، وقال الخفاجي: ليس كذلك فإن لها نظائر أي وإذا تتلى على المشتري المذكور { ءايَـٰتِنَا } الجليلة الشأن { وَلَّىٰ } أعرض عنها غير معتد بها { مُسْتَكْبِراً } مبالغاً في التكبر فالاستفعال بمعنى التفعل { كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا } حال من ضمير { ولى } أو من ضمير { مُسْتَكْبِراً } أي مشابهاً حاله في إعراضه تكبراً أو في تكبره حال من لم يسمعها وهو سامع، وفيه رمز إلى أن من سمعها لا يتصور منه التولية والاستكبار لما فيها من الأمور الموجبة للإقبال عليها والخضوع لها على طريقة قول الخنساء:
أيا شجر الخابور مالك مورقا   كأنك لم تجزع على ابن طريف
و { كَأنَ } المخففة ملغاة لا حاجة إلى تقدير ضمير شأن فيها وبعضهم يقدره { كَأَنَّ فِى أُذُنَيْهِ وَقْراً } أي صمماً مانعاً من السماع، وأصل معنى الوقر الحمل الثقيل استعير للصمم ثم غلب حتى صار حقيقة فيه، والجملة حال من ضمير { لم يسمعها } أو هي بدل منها بدل كل من كل أو بيان لها ويجوز أن تكون حالاً من أحد السابقين، ويجوز أن تكون كلتا الجملتين مستأنفتين والمراد من الجملة الثانية الترقي في الذم وتثقيل { كَانَ } في الثانية كأنه لمناسبته للثقل في معناه، وقرأ نافع { فِى أُذنَيْهِ } بسكون الذال تخفيفاً { فَبَشّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } أي أعلمه أن العذاب المفرط في الإيلام لاحق به لا محالة، وذكر البشارة للتهكم.