الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْ أَنَّمَا فِي ٱلأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ وَٱلْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }

{ وَلَوْ أَنَّمَا فِى ٱلأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ } أي لو ثبت كون ما في الأرض من شجرة أقلاما ـ فأن ـ وما بعدها فاعل ثبت مقدر بقرينة كون { أن } دالة على الثبوت والتحقق وإلى هذا ذهب المبرد، وقال سيبويه: إن ذلك مبتدأ مستغن عن الخبر لذكر المسند والمسند إليه بعده، وقيل: مبتدأ خبره مقدر قبله، وقال ابن عصفور: بعده، و { مَّا فِى ٱلأَرْضِ } اسم أن و { مِن شَجَرَةٍ } بيان ـ لما ـ أو للضمير العائد إليها في الظرف فهو في موضع الحال منها أو منه أي ولو ثبت أن الذي استقر في الأرض كائناً من شجرة، و { أَقْلاَمٌ } خبر أن قال أبو حيان: وفيه دليل دعوى الزمخشري وبعض العجم ممن ينصر قوله: إن خبر أن الجائية بعد ـ لو ـ لا يكون اسماً جامداً ولا اسماً مشتقاً بل يجب أن يكون فعلاً وهو باطل ولسان العرب طافح بخلافه، قال الشاعر:
ولو أنها عصفورة لحسبتها   مسومة تدعو عبيداً وأزنماً
وقال آخر:
ما أطيب العيش لو أن الفتى حجر   تنبو الحوادث عنه وهو ملموم
إلى غير ذلك، وتعقب بأن اشتراط كون خبرها فعلاً إنما هو إذا كان مشتقاً فلا يرد { أَقْلاَمٌ } هنا ولا ما ذكر في البيتين، وأما قوله تعالى:لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ } [الأحزاب: 20] فلو فيه للتمني والكلام في خبر أن الواقعة بعد لو الشرطية، والمراد بشجرة كل شجرة والنكرة قد تعم في الإثبات إذا اقتضى المقام ذلك كما في قوله تعالى:عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ } [التكوير: 14] وقول ابن عباس رضي الله عنهما لبعض أهل الشام وقد سأله عن المحرم إذا قتل جرادة أيتصدق بتمرة فدية لها؟ تمرة خير من جرادة على ما اختاره جمع ولا نسلم المنافاة بين هذا العموم وهذا التاء فكأنه قيل: ولو أن كل شجرة في الأرض أقلام الخ، وكون كل شجرة أقلاماً باعتبار الأجزاء أو الأغصان فيؤل المعنى إلى لو أن أجزاء أو أغصان كل شجرة في الأرض أقلاماً الخ، ويحسن إرادة العموم في نحو ما نحن فيه كون الكلام الذي وقعت فيه النكرة شرطاً بلو وللشرط مطلقاً قرب ما من النفي فما ظنك به إذا كان شرطاً بها وإن كانت هنا ليست بمعناها المشهور من انتفاء الجواب لانتفاء الشرط أو العكس بل هي دالة على ثبوت الجواب أو حرف شرط في المستقبل على ما فصل في " المغني ".

واختيار { شَجَرَةٍ } على أشجار أو شجر لأن الكلام عليه أبعد عن اعتبار التوزيع بأن تكون كل شجرة من الأشجار أو الشجر قلماً المخل بمقتضى المقام من المبالغة بكثرة كلماته تعالى شأنه: وفي «البحر» أن هذا مما وقع فيه المفرد موقع الجمع والنكرة موقع المعرفة، ونظيره

السابقالتالي
2 3 4 5 6