الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ ٱلْحِكْمَةَ أَنِ ٱشْكُرْ للَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ }

{ وَلَقَدْ ءاتَيْنَا لُقْمَانَ ٱلْحِكْمَةَ } كلام مستأنف مسوق لبيان بطلان الشرك بالنقل بعد الإشارة إلى بطلانه بالعقل. ولقمان اسم أعجمي لا عربـي مشتق من اللقم، وهو على ما قيل: ابن باعوراء، قال وهب: وكان ابن أخت أيوب عليه الصلاة والسلام، وقال مقاتل: كان ابن خالته، وقال عبد الرحمن السهيلي: هو ابن عنقا بن سرون، وقيل: كان من أولاد آزر وعاش ألف سنة وأدرك داود عليه السلام وأخذ منه العلم وكان يفتي قبل مبعثه فلما بعث قطع الفتوى فقيل له فقال: ألا أكتفي إذا كفيت، وقيل: كان قاضياً في بني إسرائيل، ونقل ذلك عن الواقدي إلا أنه قال: وكان زمانه بين محمد وعيسى عليهما الصلاة والسلام، وقال عكرمة والشعبـي / كان نبياً، والأكثرون على أنه كان في زمن داود عليه السلام ولم يكن نبياً. واختلف فيه أكان حراً أو عبداً والأكثرون على أنه كان عبداً. واختلفوا فقيل: كان حبشياً، وروي ذلك عن ابن عباس ومجاهد. وأخرج ذلك ابن مردويه عن أبـي هريرة مرفوعاً، وذكر مجاهد في وصفه أنه كان غليظ الشفتين مصفح القدمين، وقيل: كان نوبياً مشقق الرجلين ذا مشافر، وجاء ذلك في رواية عن ابن عباس. وابن المسيب. ومجاهد. وأخرج ابن أبـي حاتم عن عبد الله بن الزبير قال: قلت لجابر بن عبد الله ما انتهى إليكم من شأن لقمان؟ قال: كان قصيراً أفطس من النوبة، وأخرج هو وابن جرير وابن المنذر عن ابن المسيب أنه قال: إن لقمان كان أسود من سودان مصر ذا مشافر أعطاه الله تعالى الحكمة ومنعه النبوة.

واختلف فيما كان يعانيه من الأشغال فقال خالد بن الربيع: كان نجاراً بالراء، وفي «معاني الزجاج» كان نجاداً بالدال وهو على وزن كتاب من يعالج الفرش والوسائد ويخيطهما. وأخرج ابن أبـي شيبة وأحمد في «الزهد» وابن المنذر عن ابن المسيب أنه كان خياطاً وهم أعم من النجاد. وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه كان راعياً وقيل: كان يحتطب لمولاه كل يوم حزمة ولا وثوق لي بشيء من هذه الأخبار وإنما نقلتها تأسياً بمن نقلها من المفسرين الأخيار غير أني أختار أنه كان رجلاً صالحاً حكيماً ولم يكن نبياً.

و { ٱلْحِكْمَةَ } على ما أخرج ابن مردويه عن ابن عباس العقل والفهم والفطنة. وأخرج الفريابـي وأحمد في «الزهد» وابن جرير وابن أبـي حاتم عن مجاهد أنها العقل والفقه والإصابة في القول، وقال الراغب: هي معرفة الموجودات وفعل الخيرات وقال الإمام: هي عبارة عن توفيق العمل بالعلم ثم قال: وإن أردنا تحديداً بما يدخل فيه حكمة الله تعالى فنقول: حصول العمل على وفق المعلوم وقال أبو حيان: هي المنطق الذي يتعظ به ويتنبه ويتناقله الناس لذلك، وقيل: إتقان الشيء علماً وعملاً وقيل: كمال حاصل باستكمال النفس الإنسانية باقتباس العلوم النظرية واكتساب الملكة التامة على الأفعال الفاضلة على قدر طاقتها وفسرها كثير من الحكماء بمعرفة حقائق الأشياء على ما هي عليه بقدر الطاقة البشرية.

السابقالتالي
2 3