الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَآ أَنتَ بِهَادِ ٱلْعُمْيِ عَن ضَلاَلَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلاَّ مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُّسْلِمُونَ }

بيد أنا نذكر هنا ما ذكره الأجلة في سماع الموتى وفاء بما وعدنا هنالك فنقول ومن الله تعالى التوفيق: نقل عن العلامة ابن الهمام أنه قال: أكثر مشايخنا على أن الميت لا يسمع استدلالاً بقوله تعالى:إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ ٱلْمَوْتَىٰ } [الروم: 52] ونحوها يعني من قوله تعالى:وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِى ٱلْقُبُورِ } [فاطر: 22] ولذا لم يقولوا بتلقين القبر وقالوا: لو حلف لا يكلم فلاناً فكلمه ميتاً لا يحنث، وحكى السفاريني في «البحور الزاخرة» أن عائشة ذهبت إلى نفي سماع الموتى ووافقها طائفة من العلماء على ذلك، ورجحه القاضي أبو يعلى من أكابر أصحابنا ـ يعني الحنابلة ـ في كتابه «الجامع الكبير» واحتجوا بقوله تعالى: { إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ ٱلْمَوْتَىٰ } ونحوه، وذهبت طوائف من أهل العلم إلى سماعهم في الجملة.

وقال ابن عبد البر: إن الأكثرين على ذلك وهو اختيار ابن جرير والطبري وكذا ذكر ابن قتيبة. وغيره، واحتجوا بما في «الصحيحين» عن أنس عن أبـي طلحة رضي الله تعالى عنهما قال: " لما كان يوم بدر وظهر عليهم ـ يعني مشركي قريش ـ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر ببضعة وعشرين رجلاً وفي رواية وعشرين رجلاً من صناديد قريش فألقوا في طوى أي بئر من أطواء بدر وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ناداهم يا أبا جهل بن هشام يا أمية بن خلف يا عتبة بن ربيعة أليس قد وجدتم ما وعد ربكم حقاً فإني قد وجدت ما وعد ربـي حقاً؟ فقال عمر رضي الله تعالى عنه: يا رسول الله ما تكلم من أجساد لا أرواح لها فقال: والذي نفس محمد بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم زاد في رواية لمسلم عن أنس «ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا» " وبما أخرجه أبو الشيخ من مرسل عبيد بن مرزوق قال: " كانت امرأة بالمدينة تقم المسجد فماتت فلم يعلم بها النبـي صلى الله عليه وسلم فمر على قبرها فقال عليه الصلاة والسلام: ما هذا القبر؟ فقالوا: أم محجن قال: التي كانت تقم المسجد؟ قالوا: نعم فصف الناس فصلى عليها فقال صلى الله عليه وسلم: أي العمل وجدت أفضل؟ قالوا يا رسول الله أتسمع؟ قال: ما أنتم بأسمع منها فذكر عليه الصلاة والسلام أنها أجابته قم المسجد " وبما رواه البيهقي والحاكم وصححه وغيرهما عن أبـي هريرة أن النبـي صلى الله عليه وسلم وقف على مصعب بن عمير وعلى أصحابه حين رجع من أحد فقال: " أشهد أنكم أحياء عند الله تعالى فزوروهم وسلموا عليهم فوالذي نفسي بيده لا يسلم عليهم أحد إلا ردوا عليه إلى يوم القيامة "

السابقالتالي
2 3 4 5