الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ فَٱنظُرْ إِلَىٰ آثَارِ رَحْمَتِ ٱللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَآ إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ ٱلْمَوْتَىٰ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

{ فَٱنظُرْ إِلَىٰ ءَاثَـٰرِ رَحْمَتِ ٱللَّهِ } المترتبة على تنزيل المطر من النبات والأشجار وأنواع الثمار، والفاء للدلالة على سرعة ترتبها عليه. وقرأ الحرميان وأبو عمرو وأبو بكر { أَثَرِ } بالإفراد وفتح الهمزة والثاء. وقرأ سلام { أَثَرِ } بكسر الهمزة وإسكان الثاء، وقوله تعالى: { كَيْفَ يُحْىِ } أي الله تعالى { ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا } في حيز النصب بنزع الخافض و { كَيْفَ } معلق لأنظر أي فانظر لإحيائه تعالى البديع للأرض بعد موتها، وقال ابن جني: على الحالية بالتأويل أي محيياً، وأياً ما كان فالمراد بالأمر بالنظر التنبيه على عظيم قدرته تعالى وسعة رحمته عز / وجل مع ما فيه من التمهيد لما يعقبه من أمر البعث. وقرأ الجحدري وابن السميقع وأبو حيوة { تُحْىِ } بتاء التأنيث والضمير عائد على الرحمة، وجوز على قراءة الحرميين ومن معهما أن يكون الضمير للأثر على أنه اكتسب التأنيث من المضاف إليه، وليس بشيء كما لا يخفى.

{ إِنَّ ذٰلِكَ } العظيم الشأن { لَمُحْىِ الْمَوْتَىٰ } لقادر على إحيائهم فإنه إحداث لمثل ما كان في مواد أبدانهم من القوى الحيوانية كما أن إحياء الأرض إحداث لمثل ما كان فيها من القوى النباتية، وقيل: يحتمل أن يكون النبات الحادث من أجزاء نباتية تفتت وتبددت واختلطت بالتراب الذي فيه عروقها في بعض الأعوام السالفة فيكون كالإحياء بعينه بإعادة المواد والقوى لا بإعادة القوى فقط، وهو احتمال واهي القوى بعيد، ولا نسلم أن المسلم المسترشد يعلم وقوعه، وقوله تعالى: { وَهُوَ عَلَىٰ كُلّ شَىْء قَدِيرٌ } تذييل مقرر لمضمون ما قبله أي مبالغ في القدرة على جميع الأشياء التي من جملتها إحياؤهم لما أن نسبة قدرته عز وجل إلى الكل سواء.