الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ ٱلسَّمَآءُ وَٱلأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ ٱلأَرْضِ إِذَآ أَنتُمْ تَخْرُجُونَ }

{ وَمِنْ ءايَـٰتِهِ أَن تَقُومَ ٱلسَّمَاء وَٱلأَرْضُ بِأَمْرِهِ } أي بقوله تعالى قوما أو بإرادته عز وجل، والتعبير عنها بالأمر للدلالة على كمال القدرة والغنى عن المبادي والأسباب، وليس المراد بإقامتهما إنشاءهما لأنه قد بين حاله بقوله تعالى:وَمِنْ ءايَـٰتِهِ خَلْقُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ } [الروم: 22] ولا إقامتهما بغير مقيم محسوس كما قيل فإن ذلك من تتمات إنشائهما وإن لم يصرح به تعويلاً على ما ذكر في موضع آخر من قوله تعالى:خُلِقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا } [لقمان: 10] الآية بل قيامهما وبقاؤهما على ما هما عليه إلى أجلهما الذي أشير إليه بقوله تعالى فيما قبل:مَّا خَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِٱلْحَقّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى } [الروم: 8]. ولما كان البقاء مستقبلاً باعتبار أواخره وما بعده نزول هذه الآية أظهرت هنا كلمة { أَن } التي هي علم في الاستقبال. والإمام ذهب إلى أن القيام بمعنى الوقوف وعدم النزول ثم قال على ما لخصه بعضهم: ذكرت { أَن } هٰهنا دون قوله تعالى:وَمِنْ ءايَـٰتِهِ يُرِيكُمُ ٱلْبَرْقَ } [الروم: 24] لأن القيام لما كان غير متغير أخرج الفعل ـ بأن ـ العلم في الاستقبال وجعل مصدراً ليدل على الثبوت، وإراءة البرق لما كانت من الأمور المتجددة جيء بلفظ المستقبل ولم يذكر معه ما يدل على المصدر اهـ.

{ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مّنَ ٱلأَرْضِ إِذَا أَنتُمْ تَخْرُجُونَ } { إِذْ } الأولى شرطية والثانية فجائية نائبة مناب الفاء في الجزاء لاشتراكهما في التعقيب. والجملة الشرطية قيل: معطوفة على { أَن تَقُومَ } على تأويل مفرد كأنه قيل: ومن آياته قيام السماء والأرض بأمره ثم خروجكم من قبوركم بسرعة إذا دعاكم، وصاحب «الكشف» يقول: إنها أقيمت مقام المفرد من حيث المعنى وأما من حيث الصورة فهي جملة معطوفة على قوله تعالى: { وَمِنْ ءايَـٰتِهِ أَن تَقُومَ } وذلك على أسلوبمَّقَامُ إِبْرٰهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ ءامِناً } [آل عمران: 97] وفائدته ما سمعته قريباً، وظاهر كلام بعض الأفاضل أن العطف عليه ظاهر في عدم قصد عد ما ذكر آية. واختار أبو السعود عليه الرحمة كون العطف من عطف الجمل وأن المذكور ليس من الآيات قال: حيث كانت آية قيام السماء والأرض بأمره تعالى متأخرة عن سائر الآيات المعدودة متصلة / بالبعث في الوجود أخرت عنهن وجعلت متصلة به في الذكر أيضاً فقيل: { ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ } الآية، والكلام مسوق للإخبار بوقوع البعث ووجوده بعد انقضاء أجل قيامهما مترتب على تعدد آياته تعالى الدالة عليه غير منتظم في سلكها كما قيل كأنه قيل: ومن آياته قيام السماء والأرض على هيئتهما بأمره عز وجل إلى أجل مسمى قدره الله تعالى لقيامهما ثم إذا دعاكم أي بعد انقضاء الأجل في الأرض وأنتم في قبوركم دعوة واحدة بأن قال سبحانه: أيها الموتى اخرجوا فجأتم الخروج منها، ولعل ما أشار إليه صاحب «الكشف» أدق وأبعد مغزى فتأمل.

السابقالتالي
2