الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ ذٰلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَاتِ وَٱلذِّكْرِ ٱلْحَكِيمِ }

{ ذٰلِكَ } أي المذكور من أمر عيسى عليه السلام والإتيان بما يدل على البعد للإشارة إلى عظم شأن المشار إليه وبعد منزلته في الشرف. { نَتْلُوهُ عَلَيْكَ } أي نسرده ونذكره شيئاً بعد شيء، والمراد تلوناه إلا أنه عبر بالمضارع استحضاراً للصورة الحاصلة اعتناءاً بها، وقيل: يمكن الحمل على الظاهر لأن قصة عيسى عليه السلام لم يفرغ منها بعد { مِنَ ٱلأَْيَـٰتِ } أي الحجج الدالة على صدق نبوتك إذ أعلمتهم بما لا يعلمه إلا قارىء كتاب، أو معلم ولست بواحد منهما فلم يبق إلا أنك قد عرفته من طريق الوحي { وَٱلذّكْرِ } أي القرآن، وقيل: اللوح المحفوظ وتفسيره به لاشتماله عليه، و { مِنْ } تبعيضية على الأول، وابتدائية على الثاني وحملها على البيان وإرادة بعض مخصوص من القرآن بعيد { ٱلْحَكِيمُ } أي المحكم المتقن نظمه، أو الممنوع من الباطل، أو صاحب الحكمة، وحينئذ يكون استعماله لما صدر عنه مما اشتمل على حكمته؛ إما على وجه الإستعارة التبعية في لفظ حكيم، أو الإسناد المجازي بأن أسند للذكر ما هو لسببه وصاحبه، وجعله من باب الاستعارة المكنية التخييلية بأن شبه القرآن بناطق بالحكمة وأثبت له الوصف ـ بحكيم ـ تخييلا محوج إلى تكلف مشهور في دفع شبهة ذكر الطرفين حينئذ فتأمل.

وجوز في الآية أوجه من الإعراب، الأول: أن ذلك مبتدأ، و { نَتْلُوهُ } خبره، و { عَلَيْكَ } متعلق بالخبر، و { مِنَ ٱلأَْيَـٰتِ } حال من الضمير المنصوب، أو خبر بعد خبر، أو هو الخبر وما بينهما حال من اسم الإشارة على أن العامل فيه معنى الإشارة لا الجار والمجرور قيل: لأن الحال لا يتقدم العامل المعنوي، الثاني: أن يكون ذلك خبراً لمحذوف أي: الأمر ذلك، و { نَتْلُوهُ } في موضع الحال من { ذٰلِكَ } و { مِنَ ٱلأَْيَـٰتِ } حال من الهاء، الثالث: أن يكون ذلك في موضع نصب بفعل دل عليه ـ نتلو ـ فيكون { مِنَ ٱلأَْيَـٰتِ } حالا من الهاء أيضاً.