الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمَّآ أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ ٱلْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِيۤ إِلَى ٱللَّهِ قَالَ ٱلْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ ٱللَّهِ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَٱشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }

{ فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ ٱلْكُفْرَ } شروع في بيان مآل أحواله عليه السلام، وقيل: يحتمل أن يكون كله من قبل الملائكة شرحاً لطرف منها داخلاً تحت القول، ويحتمل أن يكون الكلام قد تم عند قوله تعالى:وَرَسُولاً إِلَىٰ بَنِى إِسْرٰءيلَ } [آل عمران: 49] ولا يكونأَنّى قَدْ جِئْتُكُمْ } [آل عمران: 49] متعلقاً بما قبله، ولا يكون داخلاً تحت القول ويكون المحذوف هناك فجاء عيسى كما بشر الله تعالى رسولاً إلى بني إسرائيل بأني قد جئتكم بآية من ربكم الآية، والفاء هنا مفصحة بمثل المقدر هناك على التقدير الثاني، وأصل الإحساس الإدراك بإحدى الحواس الخمس الظاهرة وقد استعير هنا استعارة تبعية للعلم بلا شبهة، وقيل: إنه مجاز مرسل عن ذلك من باب ذكر الملزوم وإرادة اللازم والداعي لذلك أن الكفر مما لا يحس، والقول ـ بأن المراد إحساس آثار الكفر ـ ليس بشيء، والمراد من الكفر إصرارهم عليه وعتوهم فيه مع العزيمة على إيقاع مكروه به عليه السلام، وقد صح أنه عليه السلام لقي من اليهود قاتلهم الله تعالى شدائد كثيرة.

أخرج إسحق بن بشر وابن عساكر من طرق عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: «كان اليهود يجتمعون على عيسى عليه السلام ويستهزءون به ويقولون له: يا عيسى ما أكل فلان البارحة وما ادخر في بيته لغد؟! فيخبرهم ويسخرون منه حتى طال ذلك به وبهم وكان عيسى عليه السلام ليس له قرار ولا موضع يعرف إنما هو سائح في الأرض فمر ذات يوم بامرأة قاعدة عند قبر وهي تبكي فسألها فقالت: ماتت ابنة لي لم يكن لي ولد غيرها فصلى عيسى ركعتين ثم نادى يا فلانة قومي بإذن الرحمن فاخرجي فتحرك القبر ثم نادى الثانية فانصدع القبر. ثم نادى الثالثة فخرجت وهي تنفض رأسها من التراب فقالت: يا أماه ما حملك على أن أذوق كرب الموت مرتين؟ يا أماه اصبري واحتسبـي فلا حاجة لي في الدنيا يا روح الله سل ربـي أن يردني إلى الآخرة وأن يهون عليَّ كرب الموت/ فدعا ربه فقبضها إليه فاستوت عليها الأرض فبلغ ذلك اليهود فازدادوا عليه غضباً» وروي عن مجاهد أنهم أرادوا قتله ولذلك استنصر قومه، و ـ من ـ لابتداء الغاية متعلق ـ بأحس ـ أي ابتدأ الإحساس من جهتهم؛ وجوز أبو البقاء أن يتعلق بمحذوف على أنه حال من الكفر أي لما أحس الكفر حال كونه صادراً منهم.

{ قَالَ مَنْ أَنصَارِى إِلَى ٱللَّهِ } المقول لهم الحواريون كما يشير إليه آية ـ الصف [14] ـكَمَا قَالَ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيّينَ } الآية. وكونه ـ جميع بني إسرائيل لقوله تعالى:

السابقالتالي
2 3 4