الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَآ أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا ٱسْتَكَانُواْ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلصَّابِرِينَ }

{ وَكَأَيّن } كلام مبتدأ سيق توبيخاً للمنهزمين أيضاً حيث لم يستنوا بسنن الربانيين المجاهدين مع الرسل عليهم الصلاة والسلام مع أنهم أولى بذلك حيث كانوا خير أمة أخرجت للناس. وقد اختلف في هذه الكلمة فقيل: إنها بسيطة وضعت كذلك ابتداءاً والنون أصلية، وإليه ذهب ابن حيان وغيره، وعليه فالأمر ظاهر موافق للرسم، وقيل وهو المشهور: إنها مركبة من ـ أي ـ المنونة وكاف التشبيه؛ واختلف في ـ أي ـ هذه فقيل: هي أي التي في قولهم: أي الرجال، وقال ابن جني: إنها مصدر أوى يأوي إذا انضم واجتمع وأصله أوى فاجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت وأدغمت مثل ـ طى وشى ـ وحدث فيها بعد التركيب معنى التكثير المفهوم من كم كما حدث في كذا بعد التركيب معنى آخر ـ فكم وكأين ـ بمعنى واحد قالوا: وتشاركها في خمسة أمور: الإبهام والافتقار إلى التمييز والبناء ولزوم التصدير وإفادة التكثير وهو الغالب والاستفهام وهو نادر، ولم يثبته إلا ابن قتيبة وابن عصفور وابن مالك، واستدل عليه بقول أبـيّ بن كعب لابن مسعود رضي الله تعالى عنهما: كائن تقرأ سورة الأحزاب آية فقال: ثلاثاً وسبعين، وتخالفها في خمسة أمور أيضاً، أحدها: أنها مركبة في المشهور وكم بسيطة فيه خلافاً لمن زعم أنها مركبة من الكاف وما الاستفهامية ثم حذفت ألفها لدخول الجار وسكنت للتخفيف لثقل الكلمة بالتركيب، والثاني: أن مميزها مجرور بمن غالباً حتى زعم ابن عصفور لزوم ذلك ويرده نص سيبويه على عدم اللزوم، ومن ذلك قوله:
اطرد اليأس بالرجاء (فكائن)   ألما حم يسره بعد عسر
والثالث: أنها لا تقع استفهامية عند الجمهور، والرابع: أنها لا تقع مجرورة خلافاً لابن قتيبة وابن عصفور / أجازا بكاين تبيع الثوب، والخامس: أن خبرها لا يقع مفرداً، وقالوا: إن بينها وبين ـ كذا ـ موافقة ومخالفة أيضاً فتوافقها ـ كذا ـ في أربعة أمور: التركيب والبناء والإبهام والافتقار إلى التمييز، وتخالفها في ثلاثة أمور: الأول: أنها ليس لها الصدر تقول: قبضت كذا وكذا درهما. الثاني: أن تمييزها واجب النصب فلا يجوز جره بمن اتفاقا ولا بالإضافة خلافاً للكوفيين أجازوا في غير تكرار ولا عطف أن يقال: كذا ثوب وكذا أثواب قياساً على العدد الصريح، ولهذا قال فقهاؤهم: إنه يلزم بقول القائل له عندي كذا درهم مائة، وبقوله: كذا دراهم ثلاثة، وبقوله: كذا كذا درهماً أحد عشر، وبقوله: كذا درهماً عشرون، وبقوله: كذا وكذا درهماً أحد وعشرون حملا على المحقق من نظائرهن من العدد الصريح؛ ووافقهم على هذا التفصيل ـ غير مسألتي الإضافة ـ المبرد والأخفش والسيرافي وابن عصفور، ووهم ابن السيد في نقل الإجماع على إجازة ما أجازه المبرد ومن ذكر معه، الثالث: أنها لا تستعمل غالباً إلا معطوفاً عليها كقوله:

السابقالتالي
2 3 4