الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ لَيْسَ لَكَ مِنَ ٱلأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ }

{ لَيْسَ لَكَ مِنَ ٱلأَمْرِ شَىْء } أخرج غير واحد «أن رباعية رسول الله صلى الله عليه وسلم السفلى اليمنى أصيبت يوم أحد أصابها عتبة بن أبـي وقاص وشجه في وجهه فكان سالم مولى أبـي حذيفة أو علي كرم الله تعالى وجهه يغسل الدم والنبـي صلى الله عليه وسلم يقول " كيف يفلح قوم صنعوا هذا بنبيهم " فأنزل الله تعالى هذه الآية. وأخرج أحمد والبخاري والترمذي والنسائي وغيرهم عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد: " اللهم العن أبا سفيان اللهم العن الحرث بن هشام اللهم العن سهيل بن عمرو اللهم العن صفوان بن أمية " فنزلت هذه الآية { لَيْسَ لَكَ مِنَ ٱلأَمْرِ شَىْء } الخ فتيب عليهم كلهم، وعن الجبائي أنه صلى الله عليه وسلم استأذن يوم أحد أن يدعو على الكفار لما آذوه حتى أنه صلى الله عليه وسلم صلى الظهر ذلك اليوم قاعداً من الجراح وصلى المسلمون وراءه قعوداً فلم يؤذن له ونزلت هذه الآية، وقال محمد بن إسحق والشعبـي لما رأى صلى الله عليه وسلم والمسلمون ما فعل الكفار بأصحابه وبعمه حمزة من جدع الأنوف والآذان وقطع المذاكير قالوا لئن أدالنا الله تعالى منهم لنفعلن بهم مثل ما فعلوا بنا ولنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب قط فنزلت، وعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعو على المنهزمين عنه من أصحابه يوم أحد فنهاه الله تعالى عن ذلك وتاب عليهم ونزلت هذه الآية.

/ وهذه الروايات كلها متضافرة على أن الآية نزلت في أحد والمعول عليه منها أنها بسبب المشركين. وعن مقاتل أنها نزلت في أهل بئر معونة وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل أربعين وقيل: سبعين رجلاً من قراء أصحابه وأمر عليهم المنذر بن عمرو إلى بئر معونة على رأس أربعة أشهر من أحد ليعلموا الناس القرآن والعلم فاستصرخ عليهم عدو الله عامر بن الطفيل قبائل من سليم من عصية ورعل وذكوان فأحاطوا بهم في رحالهم فقاتلوا حتى قتلوا من عند آخرهم إلا كعب بن زيد أخا بني النجار فإنهم تركوه وبه رمق فلما علم بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد وجداً شديداً وقنت عليهم شهراً يلعنهم فنزلت هذه الآية فترك ذلك، والمعنى ليس لك من أمر هؤلاء شيء وإن قل.

{ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذّبَهُمْ } عطف إما على { ٱلأَمْرِ } أو على { شَيْءٍ } بإضمار أن أي ليس لك من أمرهم شيء أو من التوبة عليهم أو من تعذيبهم شيء، أو ليس لك من أمرهم شيء أو التوبة عليهم أو تعذيبهم، وفرقوا بين الوجهين بأنه على الأول: سلب ما يتبع التوبة والتعذيب منه صلى الله عليه وسلم بالكلية من القبول والرد والخلاص من العذاب والمنع من النجاة.

السابقالتالي
2 3