الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ فَٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَـٰؤُلاۤءِ مَن يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ إِلاَّ ٱلْكَافِرونَ }

{ وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلْكِتَـٰبَ } تجريد للخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك إشارة إلى مصدر الفعل الذي بعده، وما فيه من معنى البعد للإيذان ببعد منزلة المشار إليه في الفضل أي مثل ذلك الإنزال البديع الشأن الموافق لإنزال سائر الكتب أنزلنا إليك القرءان الذي من جملته هذه الآية الناطقة بما ذكر من المجادلة بالتي هي أحسن، وقيل: الإشارة إلى ما تقدم لذكر الكتاب وأهله أي وكما أنزلنا الكتاب إلى من قبلك أنزلنا إليك الكتاب.

{ فَٱلَّذِينَ ءاتَيْنَٰهُم ٱلْكِتَـٰبِ } من الطائفتين اليهود والنصارى على أن المراد بالكتاب جنسه الشامل للتوراة والإنجيل والكلام على ظاهره، وقيل: هو على حذف مضاف أي آتيناهم علم الكتاب { يُؤْمِنُونَ بِهِ } بالكتاب الذي أنزل إليك، وقيل: الضمير له صلى الله عليه وسلم وهو كما ترى، والمراد بهم في قول من تقدم عهد النبـي صلى الله عليه وسلم من أولئك حيث كانوا مصدقين بنزول القرآن حسبما علموا مما عندهم من الكتاب، والمضارع لاستحضار تلك الصورة في الحكاية وتخصيصهم بإيتاء الكتاب للإيذان بأن ما بعدهم من معاصري رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نزع عنهم الكتاب بالنسخ، وفي قول آخر معاصروه عليه الصلاة والسلام العاملون بكتابهم من عبد الله بن سلام وأضرابه، وتخصيصهم بإيتاء الكتاب لما أنهم هم المنتفعون به فكأن من عداهم لم يؤتوه، قيل: هذا يؤيد القول: بأن الآيات المذكورة مدنية إذ كونها مكية وعبد الله ممن أسلم بعد الهجرة بناء على أنه إعلام من الله تعالى بإسلامهم في المستقبل، والتفصيل باعتبار الإعلام بعيداً جداً، وجوز الطبرسي أن يراد بالموصول المسلمون من هذه الأمة وضمير { بِهِ } للقرآن، ولا يخفى ما فيه، ولعل الأظهر كون المراد به علماء أهل الكتابين الحريون بأن ينسب إليهم إيتاء الكتاب كعبد الله بن سلام وأضرابه، ولا بعد في كون الآيات مكية بناء على ما سمعت، والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها فإن إيمانهم به مترتب على إنزاله على الوجه المذكور { وَمِنْ هَـؤُلاء } أي ومن العرب أو من أهل مكة على أن المراد بالموصول عبد الله وأضرابه، أو ممن في عصره صلى الله عليه وسلم من اليهود والنصارى على أن المراد به من تقدم { مَن يُؤْمِنُ بِهِ } أي بالكتاب الذي أنزل إليك، { وَمِنْ } على ما استظهره بعضهم تبعيضية واقعة موقع المبتدأ وله نظائر في الكتاب الكريم.

{ وَمَا يَجْحَدُ بِـئَايَـٰتِنَا } أي وما يجحد به، وأقيم هذا الظاهر مقام الضمير للتنبيه على ظهور دلالة الكتاب على / ما فيه وكونه من عند الله عز وجل، والإضافة إلى نون العظمة لمزيد التفخيم.

السابقالتالي
2