الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ ٱلْكُنُوزِ مَآ إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِٱلْعُصْبَةِ أُوْلِي ٱلْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لاَ تَفْرَحْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْفَرِحِينَ }

{ إِنَّ قَـٰرُونَ } اسم أعجمي منع الصرف للعلمية والعجمة / { كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَىٰ } أي من بني إسرائيل كما هو الظاهر، وحكى ابن عطية الإجماع عليه، واختلف في جهة قرابته من موسى عليه السلام فروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وابن جريج وقتادة وإبراهيم أنه ابن عم موسى عليه السلام فموسى بن عمران بن قاهث بقاف وهاء مفتوحة وثاء مثلثة ابن لاوى بالقصر ابن يعقوب عليه السلام وهو ابن يصهر بياء تحتية مفتوحة وصاد مهملة ساكنة وهاء مضمومة ابن قاهث الخ. وفي «مجمع البيان» عن عطاء عن ابن عباس أنه ابن خالة موسى عليه السلام، وروي ذلك عن أبـي عبد الله رضي الله تعالى عنه. وحكي عن محمد بن إسحاق أنه عم موسى عليه السلام وهو ظاهر على قول من قال: إن موسى عليه السلام ابن عمران بن يصهر بن قاهث وهو ابن يصهر بن قاهث وكان يسمى المنور لحسن صورته وكان أحفظ بني إسرائيل للتوراة وأقرأهم لكنه نافق كما نافق السامري؛ وقال: إذا كانت النبوة لموسى والمذبح والقربان لهارون فمالي؟ وروي أنه لما جاوز بهم موسى عليه السلام البحر وصارت الرسالة والحبورة لهارون يقرب القربان ويكون رأساً فيهم وكان القربان إلى موسى عليه السلام فجعله لأخيه هارون وجد قارون في نفسه فحسدهما فقال لموسى الأمر لكما ولست على شيء إلى متى أصبر قال موسى عليه السلام هذا صنع الله تعالى قال والله تعالى لا أصدقك حتى تأتي بآية فأمر رؤساء بني إسرائيل أن يجىء كل واحد بعصاه فحزمها وألقاها في القبة التي كان الوحي ينزل عليه فيها وكانوا يحرسون عصيهم بالليل فأصبحوا وإذا بعصا هارون تهتز ولها ورق أخضر وكانت من شجر اللوز فقال قارون: ما هو بأعجب مما تصنع من السحر { فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ } فطلب الفضل عليهم وأن يكونوا تحت أمره أو تكبر عليهم وعد من تكبره أنه زاد في ثيابه شبراً أو ظلمهم وطلب ما ليس حقه قيل: وذلك حين ملكه فرعون على بني إسرائيل. وقيل: حسدهم وطلب زوال نعمهم، وذلك ما ذكر منه في حق موسى وهارون عليهما السلام، والفاء فصيحة أي ضل فبغى، وجوز أن تكون على ظاهرها لأن القرابة كثيراً ما تدعو إلى البغي.

{ وَءاتَيْنَاهُ مِنَ ٱلْكُنُوزِ } أي الأموال المدخرة فهو مجاز بجعل المدخر كالمدفون إن كان الكنز مخصوصاً به، وحكى في «البحر» أنه سميت أمواله كنوزاً لأنها لم تؤد منها الزكاة وقد أمره موسى عليه السلام بأدائها فأبـى وهو من أسباب عداوته إياه، وقيل: الكنوز هنا الأموال المدفونة وكان كما روي عن عطاء قد أظفره الله تعالى بكنز عظيم من كنوز يوسف عليه السلام { مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ } أي مفاتح صناديقه فهو على تقدير مضاف أو الإضافة لأدنى ملابسة وهو جمع مفتح بالكسر وهو ما يفتح به.

السابقالتالي
2 3 4