الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ فَأْتُواْ بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ هُوَ أَهْدَىٰ مِنْهُمَآ أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }

{ قُلْ فَأْتُواْ بِكِتَـٰبٍ مّنْ عِندِ ٱللَّهِ هُوَ أَهْدَىٰ مِنْهُمَا } أي مما أوتياه من القرآن والتوراة { أَتَّبِعْهُ } أي إن تأتوا به أتبعه فالفعل مجزوم بجواب الأمر ومثل هذا الشرط [مما] يأتي به من يدل بوضوح حجته لأن الإتيان بما هو أهدى من الكتابين أمر بين الاستحالة فيوسع دائرة الكلام للتبكيت والإلزام وإيراد كلمة { إِن } في قوله تعالى: { إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } أي في أنهما سحران مختلقان مع امتناع صدقهم نوع تهكم بهم، وقرأ زيد بن علي (أتبعه) بالرفع على الاستئناف أي أنا أتبعه. وقال الزمخشري: الحق الرسول المصدق بالكتاب المعجز مع سائر المعجزات يعني أن المقام مقام أن يقال فلما جاءهم أي الرسول أو فلما جاءهم الرسول لكن عدل عن ذلك لإفادة تلك المعاني وما أوتي موسى بما هو أعم من الكتاب المنزل جملة واحدة واليد والعصا وغيرهما من آياته عليه السلام، وتعقب بأنه لا تعلق للمعجزات من اليد ونحوها بالمقام وكذا لا تعلق لغير القرآن من معجزات نبينا صلى الله عليه وسلم به ويرشد إلى ذلك ظاهر قوله تعالى: { قُلْ فَأْتُواْ } الخ.

وجوز أن يكون ضميراًجَاءهُمُ } [القصص: 48] وقَالُواْ } [القصص: 48] راجعين إلى أهل مكة الموجودين وضميريَكْفُرُواْ } [القصص: 48] وكذا ضمير { قَالُواْ } في الموضعين راجع إلى جنس الكفرة المعلوم من السياق والمراد بهم الكفرة الذين كانوا في عهد موسى عليه السلام ومِن قَبْلُ } [القصص: 48] متعلق بيكفروا لا بأوتي لعدم ظهور الفائدة والمراد بسحرين أو ساحران موسى وهٰرون عليهما السلام كما روي عن مجاهد، وإطلاق سحرين عليهما للمبالغة أو هو بتقدير ذوا سحرين، والمعنى أو لم يكفر أبناء جنسهم من قبلهم بما أوتي موسى عليه السلام كما كفروا هم بما أوتيته وقال أولئك الكفرة هما أي موسى وهٰرون سحران أو ساحران تظاهرا، وقيل: يجوز أن تكون الضمائر راجعة إلى الموجودين والكفر والقول المذكور لأولئك السابقين حقيقة وإسنادهما إلى الموجودين مجازي لما بين الطائفتين من الملابسة.

وقيل - بناء على ما روي عن الحسن من أنه كان للعرب أصل في أيام موسى عليه السلام - إن المعنى أو لم يكفر آباؤهم من قبل أن يرسل محمد صلى الله عليه وسلم بما أوتي موسى قالوا هما أي موسى وهٰرون سحران أو ساحران تظاهرا فهو على أسلوبوَإِذْ نَجَّيْنَـٰكُم مّنْ ءالِ فِرْعَوْنَ } [البقرة: 49] ونحوه ويفيد الكلام عليه أن قدمهم في الكفر من الرسوخ بمكان، ولهم في العناد عرق أصيل وكون العرب لهم أصل في أيام موسى عليه السلام مما لا شبهة فيه حتى قيل: إن فرعون كان عربياً من أولاد عاد لكن في حسن تخريج الآية على ذلك كلام، وأنت تعلم أن كل هذه الأوجه ليست مما ينشرح له الصدر وفيها من التكلف ما فيها.

السابقالتالي
2