الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَنْ أَتْلُوَاْ ٱلْقُرْآنَ فَمَنِ ٱهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُنذِرِينَ }

{ وَأَنْ أَتْلُوَ ٱلْقُرْءانَ } أي أواظب على قراءته على الناس بطريق تكرير الدعوة وتثنيته الإرشاد لكفايته في الهداية إلى طريق الرشاد، وقيل أي أواظب على قراءته لينكشف لي حقائقه الرائقة المخزونة في تضاعيفه شيئاً فشيئاً فإن المواظبة على قراءته من أسباب فتح باب الفيوضات الإلهية والأسرار القدسية، " وقد حكي أنه صلى الله عليه وسلم قام ليلة يصلي فقرأ قوله تعالى: { إِن تُعَذّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ } [المائدة: 118] فما زال يكررها ويظهر له من أسرارها ما يظهر حتى طلع الفجر " ، وقيل أتلو من تلاه إذا تبعه، أي وأن أتبع القرآن، وهو خلاف الظاهر، ويؤيد ما ذكرناه أولاً من المعنى ما في حرف أبـي كما أخرجه أبو عبيد. وابن المنذر عن هارون (وأتل عليهم القرآن) وحكى عنه في «البحر» أنه قرأ (وأتل هذا القرآن)، ولا تأييد فيه لما ذكرنا. وقرأ عبد الله (وأن أتل) بغير واو أمراً من تلا فجاز أن تكون أن مصدرية وصلت بالأمر، وجاز أن تكون مفسرة على إضمار أمرت.

{ فَمَنُ ٱهْتَدَىٰ } أي بالإيمان بالقرآن والعمل بما فيه من الشرائع والأحكام، وقيل أي بالاتباع فيما / ذكر من العبادة والإسلام، وتلاوة القرآن أو اتباعه { فَإِنَّمَا يَهْتَدِى لِنَفْسِهِ } أي فإنما منافع اهتدائه تعود إليه { وَمَن ضَلَّ } بالكفر به والإعراض عنه، وقيل بالمخالفة فيما ذكر { فَقُلْ } أي له. { إِنَّمَا أَنَاْ مِنَ ٱلْمُنذِرِينَ } وقد خرجت عن عهدة الإنذار فليس علي من وبال ضلالك شيء وإنما هو عليك فقط، ويعلم مما ذكرنا أن جواب الشرط جملة القول وما في حيزه والرابط المشترط في مثله محذوف وقدره بعضهم بعد المنذرين أي من المنذرين إياه، وجوز أبو حيان كون الجواب محذوفاً أي من ضل فوبال ضلاله مختص به وحذف ذلك لدلالة جواب مقابله عليه، وجوز بعضهم كون الجملة بعد هي الجواب ولكونها كناية تعريضية عما قدره أبو حيان لم تحتج إلى رابط ثم إن ظاهر التصريح بقل هنا يقتضي أن يكون { فَمَنُ ٱهْتَدَىٰ } الخ من كلامه عز وجل عقب به أمره صلى الله عليه وسلم بأن يقول لهم ما قبله، ولا بعد في كونه من مقول القول المقدر قبل قوله تعالى:إِنَّمَا أُمِرْتُ } [النمل: 91] كما سمعت.