الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمَّا جَآءَهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي ٱلنَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }

{ فَلَمَّا جَاءهَا } أي النار التي قال فيهاإِنّى ءانَسْتُ نَاراً } [النمل: 7] وقيل: الضمير للشجرة وهو كما ترى، وما ظنه داعياً ليس بداع لما أشرنا إليه { نُودِىَ } أي موسى عليه السلام من جانب الطور { أَن بُورِكَ } معناه أي بورك على أن (أن) مفسرة لما في النداء من معنى القول دون حروفه. وجوز أن تكون (أن) المخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن، ومنعه بعضهم لعدم الفصل بينها وبين الفعل بقد أو السين أو سوف أو حرف النفي وهو مما لا بد منه إذا كانت مخففة لما في «الحجة» لأبـي علي الفارسي أنها لما كانت لا يليها إلا الأسماء استقبحوا أن يليها الفعل من غير فاصل. وأجيب بأن ما ذكر ليس على إطلاقه. فقد صرحوا بعدم اشتراط الفصل في مواضع، منها ما يكون الفعل فيه دعاء فلعل من جوز كونها المخففة هٰهنا جعل { بُورِكَ } دعاء على أنه يجوز أن يدعي أن الفصل بإحدى المذكورات في غير ما استثنى أغلبـي لقوله:
علموا أن يؤملون فجادوا   قبل أن يسألوا بأعظم سؤل
وجوز أن تكون المصدرية الناصبة للأفعال و { بُورِكَ } حينئذٍ إما خبر أو إنشاء للدعاء. وادعى الرضي أن (بورك) إذا جعل دعاء فإن مفسرة لا غير لأن المخففة لا يقع بعدها فعل إنشائي إجماعاً وكذا المصدرية وهو مخالف لما ذكره النحاة، ودعوى الإجماع ليست بصحيحة، والقول بأنه يفوت معنى الطلب بعد التأويل بالمصدر قد تقدم ما فيه، وفي «الكشف» يمنع عن جعلها مصدرية عدم سداد المعنى لأن { بُورِكَ } إذ ذاك ليس يصلح بشارة وقد قالوا: إن تصدير الخطاب بذلك بشارة لموسى عليه السلام بأنه قد قضي له أمر عظيم تنتشر منه في أرض الشأم كلها البركة وهذا بخلاف ما إذا كان { بُورِكَ } تفسيراً للشأن اهـ وفيه نظر، وعلى الوجهين الكلام على حذف حرف الجر أي نودي بأن الخ، والجار والمجرور متعلق بما عنده وليس نائب الفاعل بل نائب الفاعل ضمير موسى عليه السلام، وقيل: هو نائب الفاعل ولا ضمير. وقال بعضهم في الوجه الأول أيضاً إن الضمير القائم مقام الفاعل ليس لموسى عليه السلام بل هو لمصدر الفعل أي نودي هو أي النداء، وفسر النداء بما بعده، والأظهر في الضمير رجوعه لموسى وفي (أن) أنها مفسرة وفي { بُورِكَ } أنه خبر وهو من البركة وقد تقدم معناها، وقيل: هنا المعنى قدس وطهر وزيد خيراً.

{ مَن فِى ٱلنَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا } ذهب جماعة إلى أن في الكلام مضافاً مقدراً في موضعين أي من في مكان النار ومن حول مكانها قالوا: ومكانها البقعة التي حصلت فيها وهي البقعة المباركة المذكورة في قوله تعالى:

السابقالتالي
2