الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ تَقَاسَمُواْ بِٱللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ }

{ قَالُواْ } استئناف بيان بعض ما فعلوا من الفساد أي قال بعضهم لبعض في أثناء المشاورة في أمر صالح / عليه السلام. وكان ذلك على ما روي عن ابن عباس بعد أن عقروا الناقة أنذرهم بالعذاب، وقوله:تَمَتَّعُواْ فِى دَارِكُمْ ثَلَـٰثَةَ أَيَّامٍ } [هود: 65] الخ { تَقَاسَمُواْ بِٱللَّهِ } أمر من التقاسم أي التحالف وقع مقول القول وهو قول الجمهور. وجوز أن يكون فعلاً ماضياً بدلاً من { قَالُواْ } أو حالاً من فاعله بتقدير قد أو بدونها أي قالوا متقاسمين ومقول القول { لَنُبَيّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ } الخ، وجوز أبو حيان على هذا أن يكون (بالله) من جملة المقول. والبيات مباغتة العدو ومفاجأته بالإيقاع به ليلاً وهو غافل. وأرادوا قتله عليه السلام وأهله ليلاً وهم غافلون. وعن الاسكندر أنه أشير عليه بالبيات فقال: ليس من آيين الملوك استراق الظفر.

وقرأ ابن أبـي ليلى { تقْسمُواْ } بغير ألف وتشديد السين، والمعنى كما في قراءة الجمهور وقرأ الحسن وحمزة والكسائي { لتبيتنه } بالتاء على خطاب بعضهم لبعض. وقرأ مجاهد وابن وثاب وطلحة والأعمش { ليبيتنه } بياء الغيبة. و { تَقَاسَمُواْ } على هذه القراءة لا يصح إلا أن يكون خبراً بخلافه عن القراءتين الأوليين فإنه يصح أن يكون خبراً كما يصح أن يكون أمراً. وذلك لأن الأمر خطاب والمقسم عليه بعده لو نظر إلى الخطاب وجب تاء الخطاب ولو نظر إلى صيغة قولهم عند الحلف وجب النون فأما ياء الغائب فلا وجه له. وإما إذا جعل خبراً فهو على الغائب كما تقول حلف ليفعلن.

{ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيّهِ } أي لولي صالح. والمراد به طالب ثأره من ذوي قرابته إذا قتل. وقرأ { لتقولن } بالتاء من قرأ { لتبيتنه } كذلك. وقرأ { لَّيَقُولَنَّ } بياء الغيبة من قرأ بها فيما تقدم. وقرأ حميد بن قيس الأول بياء الغيبة وهذا بالنون. قيل: والمعنى على ذلك قالوا متقاسمين بالله ليبيتنه قوم منا ثم لنقولن جميعنا لوليه { مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ } أي ما حضرنا هلاكهم على أن { مهْلِكَ } مصدر كمرجع أو مكان هلاكهم على أنه للمكان أو زمان هلاكهم على أنه للزمان. والمراد نفي شهود الهلاك الواقع فيه. واختاروا نفي شهود مهلك أهله على نفي قتلهم إياهم قصداً للمبالغة كأنهم قالوا ما شهدنا ذلك فضلاً عن أن نتولى إهلاكهم. ويعلم من ذلك نفي قتلهم صالحاً عليه السلام أيضاً لأن من لم يقتل أتباعه كيف يقتله، وقيل في الكلام حذف أي ما شهدنا مهلك أهله ومهلكه، واستظهره أبو حيان ثم قال وحذف مثل هذا المعطوف جائز في الفصيح كقوله تعالى:سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ ٱلْحَرَّ } [النحل: 81] أي والبرد وقال الشاعر:

السابقالتالي
2