الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ عِفْرِيتٌ مِّن ٱلْجِنِّ أَنَاْ آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ }

{ قَالَ عِفْرِيتٌ } أي خبيث مارد { مّن ٱلْجِنّ } بيان له إذ يقال للرجل الخبيث المنكر الذي يعفر أقرانه، وقرأ أبو حيوة { عفْرِيتٌ } بفتح العين. وقرأ أبو رجاء وأبو السمال وعيسى ورويت عن أبـي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه { عفرية } بكسر العين وسكون الفاء وكسر الراء بعدها ياء مفتوحة بعدها تاء التأنيث، وقال ذو الرمة:
كأنه كوكب في أثر عفرية   مصوب في سواد الليل منقضب
وقرأ فرقة { عفر } بلا ياء ولا تاء ويقال في لغة طيىء وتميم: عفراة بألف بعدها تاء التأنيث، وفيه لغة سادسة عفارية؛ وتاء عفريت زائدة للمبالغة في المشهور. وفي «النهاية» الياء في عفرية وعُفارية للإلحاق بشرذمة وعُذافرة والهاء فيهما للمبالغة والتاء في عفريت للإلحاق بقنديل اهـ. واسم هذا العفريت على ما أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبـي حاتم عن ابن عباس صخر. وأخرج ابن أبـي حاتم وابن جرير عن شعيب الجبائي أن اسمه كوزن. وأخرج ابن أبـي حاتم عن يزيد بن رومان أن اسمه كوزي. وقيل: اسمه ذكوان.

{ أَنَاْ ءاتِيكَ بِهِ } أي بعرشها، وآتي يحتمل أن يكون مضارعاً وأن يكون اسم فاعل. قيل: وهو الأنسب بمقام ادعاء الإتيان به في المدة المذكورة في قوله تعالى: { قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ } أي من مجلسك الذي تجلس فيه للحكومة وكان عليه السلام يجلس من الصبح إلى الظهر في كل يوم قاله قتادة ومجاهد ووهب وزهير بن محمد وقيل: أي قبل أن تستوي من جلوسك قائماً { وَإِنّى عَلَيْهِ لَقَوِىٌّ } لا يثقل عليَّ حمله. والقوة صفة تصدر عنها الأفعال الشاقة ويطيق بها من قامت / به لتحمل الأجرام العظيمة ولذا اختير قوي على قادر هنا، وظاهر كلام بعضهم أن في الكلام حذفاً فمنهم من قال: أي على حمله ومنهم قال: أي على الإتيان به، ورجح الثاني بالتبادر نظراً إلى أول الكلام. والأول بأنه أنسب بقوله لقوي { أَمِينٌ } لا أقتطع منه شيئاً ولا أبدله.