الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ }

فلذلك أيضاً أو لوقوعه في جواب سؤال مقدر كأنه قيل: ممن هذا الكتاب وماذا مضمونه؟ فقيل: إنه من سليمان الخ، ويحسن التأكيد بأن في جواب السؤال ولا أرى فرقاً في ذلك بين المحقق والمقدر، ويعلم مما ذكر أن ضمير { إِنَّهُ } الأول للكتاب وضمير { إِنَّهُ } الثاني للمضمون وإن لم يذكر، وليس في الآية ما يدل على أنه عليه السلام قدم اسمه على اسم الله عز وجل، وعلمها بأنه من سليمان يجوز أن يكون لكتابة اسمه بعد. وقد أخرج ابن أبـي حاتم عن يزيد بن رومان أنه قال: كتب سليمان بسم الله الرحمن الرحيم من سليمان بن داود إلى بلقيس ابنة ذي شرح وقومها ـ أن لا تعلوا ـ الخ، وجوز أن يكون لكتابته في ظاهر الكتاب وكان باطن الكتاب { بِسْمِ اللَّهِ } الخ، وقيل: ضمير { إِنَّهُ } الأول للعنوان وإنه عليه السلام عنون الكتاب باسمه مقدماً له فكتب من سليمان بسم الله الخ واستظهر هذا أبو حيان ثم قال: وقدم عليه السلام اسمه لاحتمال أن يبدر منها ما لا يليق إذ كانت كافرة فيكون اسمه وقاية لاسم الله عز وجل وهو كما ترى.

وكتابة البسملة في أوائل الكتب مما جرت به سنة نبينا صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية بلا خلاف، وأما قبله فقد قيل إن كتبه عليه الصلاة والسلام لم تفتتح بها، فقد أخرج عبد الرزاق وابن المنذر وغيرهما عن الشعبـي قال: كان أهل الجاهلية يكتبون باسمك اللهم فكتب النبـي صلى الله عليه وسلم أول ما كتب باسم اللهم حتى نزلتبِسْمِ ٱللَّهِ مَجْريٰهَا وَمُرْسَاهَا } [هود: 41] فكتب بسم الله ثم نزلتٱدْعُو ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَـٰنَ } [الإسراء: 110] فكتب بسم الله الرحمن ثم نزلت آية النمل { إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ } الآية فكتب بسم الله الرحمن الرحيم وأخرج أبو داود في «مراسيله» عن أبـي مالك قال: كان النبـي صلى الله عليه وسلم يكتب باسمك اللهم فلما نزلت { إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ } الآية كتب بسم الله الخ، وروي نحو ذلك عن ميمون بن مهران وقتادة، وهذا عندي مما لا يكاد يتسنى مع القول بنزول البسملة قبل نزول هذه الآية وهذا القول مما لا ينبغي أن يذهب إلى خلافه، فقد قال الجلال السيوطي في «إتقانه» اختلف في أول ما نزل من القرآن على أقوال، أحدها: وهو الصحيحٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ } [العلق: 1] واحتج له بعده أخبار منها خبر الشيخين في بدء الوحي وهو مشهور، وثانيها:يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثّرُ } [المدثر: 1] وثالثها: سورة الفاتحة، ورابعها: البسملة ثم قال وعندي أن هذا لا يعد قولاً برأسه فإنه من ضرورة نزول السورة نزول البسملة معها فهي أول آية نزلت على الإطلاق اهـ.

السابقالتالي
2