الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنِّي وَجَدتُّ ٱمْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ }

وقوله تعالى: { إِنّى وَجَدتُّ ٱمْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ } أي تتصرف بهم ولا يعترض عليها أحد استئناف لبيان ما جاء به من النبأ وتفصيل له إثر إجمال وعني بهذه المرأة بلقيس بنت شراحيل بن مالك بن ريان من نسل يعرب بن قحطان، ويقال: من نسل تبع الحميري. وروى ابن عساكر عن الحسن أن اسم هذه المرأة ليلى وهو خلاف المشهور، وقيل: اسم أبيها السرح بن الهداهد. ويحكى أنه كان أبوها ملك أرض اليمن كلها وورث الملك من أربعين أباً ولم يكن له ولد غيرها فغلبت بعده على الملك ودانت لها الأمة. وفي بعض الآثار أنه لما مات أبوها طمعت في الملك وطلبت من قومها أن يبايعوها فأطاعها قوم وأبى آخرون فملكوا عليهم رجلاً يقال: إنه ابن عمها وكان خبيثاً فأساء السيرة في أهل مملكته حتى كان يفجر بنساء رعيته فأرادوا خلعه فلم يقدروا عليه فلما رأت ذلك أدركتها الغيرة فأرسلت إليه تعرض نفسها عليه فأجابها وقال: ما منعني أن ابتدئك بالخطبة إلا اليأس منك قالت: لا أرغب عنك لأنك كفؤ كريم فاجمع رجال أهلي وأخطبني فجمعهم وخطبها فقالوا: لا نراها تفعل فقال: بلى إنها رغبت في فذكروا لها ذلك فقالت: نعم فزوجوها منه فلما زفت إليه خرجت مع أناس كثير من حشمه وخدمها فلما خلت به سقته الخمر حتى سكر فقتلته وحزت رأسه وانصرفت إلى منزلها فلما أصبحت أرسلت إلى وزرائه وأحضرتهم وقرعتهم، وقالت: أما كان فيكم من يأنف من الفجور بكرائم عشيرته ثم أرتهم إياه قتيلاً، وقالت: اختاروا رجلاً تملكوه عليكم فقالوا: لا نرضى غيرك فملكوها وعلموا أن ذلك النكاح كان مكراً وخديعة منها.

واشتهر أن أمها جنية. / وقد أخرج ذلك ابن أبـي شيبة وابن المنذر عن مجاهد والحكيم الترمذي وابن مردويه عن عثمان بن حاضر أن أمها امرأة من الجن يقال لها بلقمة بنت شيصا. وابن أبـي حاتم عن زهير بن محمد أن أمها فارعة الجنية. وفي «التفسير الخازني» أن أباها شراحيل كان يقول لملوك الأطراف: ليس أحد منكم كفؤاً لي وأبى أن يتزوج فيهم فخطب إلى الجن فزوجوه امرأة يقال لها ريحانة بنت السكن وسبب وصوله إلى الجن حتى خطب إليهم على ما قيل إنه كان كثير الصيد فربما اصطاد الجن وهم على صور الظباء فيخلى عنهم فظهر له ملك الجن وشكره على ذلك واتخذه صديقاً فخطب ابنته فزوجه إياها. وقيل: إنه خرج متصيداً فرأى حيتين يقتتلان بيضاء وسوداء وقد ظهرت السوداء على البيضاء فقتل السوداء وحمل البيضاء وصب عليها الماء فأفاقت فأطلقها فلما رجع إلى داره جلس وحده منفرداً فإذا هو معه شاب جميل فخاف منه فقال: لا تخف أنا الحية البيضاء الذي أحييتني والأسود الذي قتلته هو عبد لنا تمرد علينا وقتل عدة منا وعرض عليه المال فقال: لا حاجة لي به ولكن إن كان لك بنت فزوجينها فزوجه ابنته فولدت له بلقيس انتهى، وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ في «العظمة» وابن مردويه وابن عساكر

السابقالتالي
2 3