الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ }

{ وَجَحَدُواْ بِهَا } أي وكذبوا بها { وَٱسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ } أي علمت علماً يقينياً أنها آيات من عند الله تعالى، والاستيقان أبلغ من الإيقان. وفي «البحر» أن استفعل هنا بمعنى تفعل كاستكبر بمعنى تكبر، والأبلغ أن تكون الواو للحال والجملة بعدها حالية إما بتقدير قد أو بدونها { ظُلْماً } أي للآيات كقوله تعالى:بِمَا كَانُواْ بِآيَـٰتِنَا يَظْلِمُونَ } [الأعراف: 9] وقد ظلموا بها / أي ظلم حيث حطوها عن رتبتها العالية وسموها سحراً، وقيل: ظلماً لأنفسهم وليس بذاك { وَعُلُوّاً } أي ترفعاً واستكباراً عن الإيمان بها كقوله تعالى:وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـئَايَـٰتِنَا وَٱسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا } [الأعراف: 36] وانتصابهما إما على العلية من { جَحَدُواْ } وهي على ما قيل باعتبار العاقبة والادعاء كما في قوله: لدوا للموت وابنوا للخراب، وأما على الحال من فاعله أي جحدوا بها ظالمين عالين، ورجح الأول بأنه أبلغ وأنسب بقوله تعالى: { فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ } أي ما آل إليه فرعون وقومه من الإغراق على الوجه الهائل الذي هو عبرة للظالمين، وإنما لم يذكر تنبيهاً على أنه عرضة لكل ناظر مشهور لدى كل باد وحاضر. وأدخل بعضهم في العاقبة حالهم في الآخرة من الإحراق والعذاب الأليم. وفي إقامة الظاهر مقام الضمير ذم لهم وتحذير لأمثالهم.

وقرأ عبد الله وابن وثاب والأعمش وطلحة وأبان بن تغلب { وعلياً } بقلب الواو ياء وكسر العين واللام، وأصله فعول لكنهم كسروا العين اتباعاً، وروي ضمها عن ابن وثاب والأعمش وطلحة.