الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ ٱلنَّعِيمِ }

{ وَٱجْعَلْنِى } في الآخرة { مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ ٱلنَّعِيمِ } قد مر معنى وراثة الجنة فتذكر. واستدل بدعائه عليه السلام بهذا بعدما تقدم من الأدعية على أن العمل الصالح لا يوجب دخول الجنة وكذا كون العبد ذا منزلة عند الله عز وجل وإلا لاستغنى عليه السلام بطلب الكمال في العلم والعمل وكذا بطلب الإلحاق بالصالحين ذوي الزلفى عنده تعالى عن طلب ذلك، وأنت تعلم أنه تحسن الإطالة في مقام الابتهال ولا يستغنى بملزوم عن لازم في المقال فالأولى الاستدلال على ذلك بغير ما ذكر وهو كثير مشتهر، هذا وفي بعض الآثار ما يدل على مزيد فضل هذه الأدعية. أخرج ابن أبـي الدنيا في «الذكر» وابن مردويه من طريق الحسن عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا توضأ العبد لصلاة مكتوبة فأسبغ الوضوء ثم خرج من باب داره يريد المسجد فقال حين يخرج بسم الله { ٱلَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ } هداه الله تعالى للصواب - ولفظ ابن مردويه - لصواب الأعمال { وَٱلَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ } أطعمه الله تعالى من طعام الجنة وسقاه من شراب الجنة { وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ } شفاه الله تعالى وجعل مرضه كفارة لذنوبه { وَٱلَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ } أحياه الله تعالى حياة السعداء وأماته ميتة الشهداء { وَٱلَّذِيۤ أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ ٱلدِّينِ } غفر الله تعالى له خطاياه كلها ولو كانت مثل زبد البحر { رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِٱلصَّالِحِينَ } وهب الله تعالى له حكماً وألحقه بصالح من مضى وصالح من بقي { وَٱجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي ٱلآخِرِينَ } كتب في ورقة بيضاء أن فلان بن فلان من الصادقين ثم يوفقه الله تعالى بعد ذلك للصدق { وَٱجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ ٱلنَّعِيمِ } [الشعراء: 78-85] جعل الله تعالى له القصور والمنازل في الجنة " وكان الحسن رضي الله تعالى عنه يزيد فيه واغفر لوالدي كما ربياني صغيراً وكأنه أخذ من قوله: