الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ }

{ قَالَ } استئناف مبني على سؤال نشأ من تفصيل جوابهم { هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ } دخل فعل السماع على غير مسموع، ومذهب الفارسي أنه حينئذٍ يتعدى إلى اثنين ولا بد أن يكون الثاني مما يدل على صوت فالكاف هنا عنده مفعول أول والمفعول الثاني محذوف والتقدير هل يسمعونكم تدعون وحذف لدلالة قوله تعالى: { إِذْ تَدْعُونَ } عليه. ومذهب غيره أنه حينئذٍ متعد إلى واحد، وإذا وقعت بعده جملة ملفوظة أو مقدرة فهي في موضع الحال منه إن كان معرفة وفي موضع الصفة له إن كان نكرة. وجوز فيها البدلية أيضاً. وإذا دخل على مسموع تعدى إلى واحد اتفاقاً، ويجوز أن يكون ما هنا داخلاً على ذلك على أن التقدير هل يسمعون دعاءكم فحذف المضاف لدلالة { إِذْ تَدْعُونَ } أيضاً عليه، وقيل: السماع هنا بمعنى الإجابة كما في قوله صلى الله عليه وسلم: " اللهم إني أعوذ بك من دعاء لا يسمع " ومنه قوله عز وجل:إِنَّكَ سَمِيعُ ٱلدُّعَاء } [آل عمران: 38] أي هل يجيبونكم وحينئذٍ لا نزاع في أنه متعد لواحد ولا يحتاج إلى تقدير مضاف. والأولى إبقاؤه على ظاهر معناه فإنه أنسب بالمقام، نعم ربما يقال: إن ما قيل أوفق بقراءة قتادة ويحيـى بن يعمر { يَسْمَعُونَكُمْ } بضم الياء وكسر الميم من أسمع والمفعول الثاني محذوف تقديره الجواب. و { إِذْ } ظرف لما مضى. وجىء بالمضارع لاستحضار الحال الماضية وحكايتها. وإما كون هل تخلص المضارع للاستقبال فلا يضر هنا لأن المعتبر زمان الحكم لا زمان التكلم وهو هنا كذلك لأن السماع بعد الدعاء، وقال أبو حيان: لا بد من التجوز في { إِذْ } بأن تجعل بمعنى إذا أو التجوز في المضارع بأن يجعل بمعنى الماضي. واعتبار الاستحضار أبلغ في التبكيت. وقرىء بإدغام ذال { إِذْ } في تاء { تَدْعُونَ } وذلك بقلبها تاء وإدغامها في التاء.