الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَآ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ لَهَا مُنذِرُونَ }

{ وَمَآ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ } من القرى المهلكة { إِلاَّ لَهَا مُنذِرُونَ } قد أنذروا أهلها إلزاماً للحجة، والجار والمجرور متعلق بمحذوف وقع خبراً مقدماً و { مُنذِرُونَ } مبتدأ، والجملة في موضع الحال من { قَرْيَةٌ } قاله أبو حيان ثم قال: الإعراب أن يكون { لَهَا } في موضع الحال وارتفع { مُنذِرُونَ } بالجار والمجرور أي إلا كائناً لها منذرون فيكون من مجىء الحال مفرداً لا جملة، ومجىء الحال من المنفي كقولك ما مررت بأحد / إلا قائماً فصيح انتهى، وفي الوجهين مجىء الحال من النكرة. وحسن ذلك على ما قيل عمومها لوقوعها في حيز النفي مع زيادة من قبلها، وكأن هذا القائل جعل العموم مسوغاً لمجىء الحال قياساً على جعلهم إياه مسوغاً للابتداء بالنكرة لاشتراك العلة. وذهب الزمخشري إلى أن { لَهَا مُنذِرُونَ } جملة في موضع الصفة لقرية ولم يجوز أبو حيان كون الجملة الواقعة بعد (إلا) صفة ثم قال: مذهب الجمهور إنه لا تجىء الصفة بعد إلا معتمدة على أداة الاستثناء نحو ما جاءني أحد إلا راكب وإذا سمع خرج على البدل أي إلا رجل راكب. ويدل على صحة هذا المذهب أن العرب تقول: ما مررت بأحد إلا قائماً ولا يحفظ من كلامها ما مررت بأحد إلا قائم فلو كانت الجملة في موضع الصفة للنكرة لورد المفرد بعد إلا صفة لها فإن كانت الصفة غير معتمدة على الأداة جاءت الصفة بعد إلا نحو ما جاءني أحد إلا زيد خير من عمرو فإن التقدير ما جاءني أحد خير من عمرو إلا زيد انتهى فتذكر. وأياً ما كان فضمير { لَهَا } للقرية التي هي لما سمعت في معنى الجمع فكأنه قيل وما أهلكنا القرى إلا لها منذرون على معنى أن للكل منذرين أعم من أن يكون لكل قرية منها منذر واحد أو أكثر.