الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالُواْ مَالِ هَـٰذَا ٱلرَّسُولِ يَأْكُلُ ٱلطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي ٱلأَسْوَاقِ لَوْلاۤ أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً }

{ وَقَالُواْ مَّالِ هَـٰذَا ٱلرَّسُولِ يَأْكُلُ ٱلطَّعَامَ } الخ نزلت في جماعة من كفار قريش، أخرج ابن أبـي إسحٰق وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن عتبة وشيبة ابني ربيعة وأبا سفيان بن حرب والنضر بن الحرث وأبا البحتري والأسود بن المطلب وزمعة بن الأسود والوليد بن المغيرة وأبا جهل بن هشام وعبد الله بن أبـي أمية وأمية بن خلف والعاصي بن وائل ونبيه بن الحجاج ومنبه بن الحجاج اجتمعوا فقال بعضهم لبعض: ابعثوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم وكلموه وخاصموه حتى تعذروا منه فبعثوا إليه أن أشراف قومك قد اجتمعوا لك ليكلموك فجاءهم عليه الصلاة والسلام فقالوا: يا محمد إنا بعثنا إليك لنعذر منك فإن كنت إنما جئت بهذا الحديث تطلب به مالاً جمعنا لك من أموالنا وإن كنت تطلب الشرف فنحن نسودك وإن كنت تريد ملكاً ملكناك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما بـي مما تقولون ما جئتكم بما جئتكم به أطلب أموالكم ولا الشرف فيكم ولا الملك عليكم ولكن الله تعالى بعثني إليكم رسولاً وأنزل علي كتاباً وأمرني أن أكون لكم بشيراً ونذيراً فبلغتكم رسالة ربـي ونصحت لكم فإن تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة وإن تردوه عليَّ أصبر لأمر الله تعالى حتى يحكم الله عز وجل بيني وبينكم " قالوا: يا محمد فإن كنت غير قابل منا شيئاً مما عرضنا عليك فسل لنفسك سل ربك أن يبعث معك ملكاً يصدقك بما تقول ويراجعنا عنك وسله أن يجعل لك جناناً وقصوراً من ذهب وفضة تغنيك عما تبتغي فإنك تقوم بالأسواق وتلتمس المعاش كما نلتمسه حتى نعرف فضلك ومنزلتك من ربك إن كنت رسولاً كما تزعم فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما أنا بفاعل ما أنا بالذي يسأل ربه هذا وما بعثت إليكم بهذا ولكن الله تعالى بعثني بشيراً ونذيراً " فأنزل الله تعالى في قولهم ذلك { وَقَالُواْ مَّالِ هَـٰذَا ٱلرَّسُولَ } الخ. وقد سيق هنا لحكاية جنايتهم المتعلقة بخصوص المنزل عليه الفرقان بعد حكاية جنايتهم التي تتعلق بالمنزل.

و(ما) استفهامية بمعنى إنكار الوقوع ونفيه في محل رفع على الابتداء والجار والمجرور بعدها متعلق بمحذوف خبر لها، وقد وقعت اللام مفصولة عن هذا المجرور بها في خط الإمام وهي سنة متبعة، وعنوا بالإشارة والتعبير بالرسول الاستهانة والتهكم، وجملة { يَأْكُلُ ٱلطَّعَامَ } حال من { ٱلرَّسُولَ } والعامل فيها ما عمل في الجار من معنى الاستقرار؛ وجوز أن يكون الجار والمجرور أي أي شيء وأي سبب حصل لهذا الزاعم أنه رسول حال كونه يأكل الطعام كما نأكل { وَيَمْشِى فِى ٱلأَسْوَاقِ } لابتغاء الأرزاق كما نفعله على توجيه الإنكار والنفي إلى السبب فقط مع تحقق المسبب الذي هو مضمون الجملة الحالية.

السابقالتالي
2