الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ يَٰوَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً }

{ يَا وَيْلَتَىٰ } بقلب ياء المتكلم ألفاً كما في صحارى، وقرأ الحسن وابن قطيب (يا ويلتي) بكسر التاء والياء على الأصل، وقرأت فرقة بالإمالة، قال أبو علي: وترك الإمالة أحسن لأن الأصل في هذه اللفظة الياء فأبدلت الكسرة فتحة والياء ألفاً فراراً من الياء فمن أمال رجع إلى الذي عنه فر أولا، وأياً ما كان فالمعنى يا هلكتي تعالى واحضري فهذا أوانك { لَيْتَنِى لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً } أراد بفلان الشيطان أو من أضله في الدنيا كائناً من كان أو أبيا ان كان الظالم عقبة، أو عقبة إن كان الظالم أبياً وهو كناية عن علم مذكر وفلانة عن علم مؤنث، واشترط ابن الحاجب في فلان أن يكون محكياً بالقول كما هنا، ورده في «شرح التسهيل» بأنه سمع خلافه كثيراً كقوله:
وإذا فلان مات عن أكرومة   دفعوا معاوز فقره بفلان
وتقدير القول فيه غير ظاهر، والفلان والفلانة كناية عن غير العاقل من الحيوانات كما قال الراغب، وفل / وفلة كناية عن نكرة من يعقل فالأول بمعنى رجل والثاني بمعنى امرأة، ووهم ابن عصفور وابن مالك. وصاحب «البسيط» كما في «البحر» في قولهم: فل كناية عن العلم كفلان ويختص بالنداء إلا ضرورة كما في قوله:
في لجة أمسك فلان عن فل   
وليس مرخم فلان خلافاً للفراء، واختلفوا في لام فل وفلان فقيل واو، وقيل: ياء، وكنوا بهن بفتح الهاء وتخيف النون عن أسماء الأجناس كثيراً، وقد كنى به عن الأعلام كما في قوله:
والله أعطاك فضلاً عن عطيته   على هن وهن فيما مضى وهن
فإنه على ما قال الخفاجي أراد عبد الله، وإبراهيم وحسناً. والخليل من الخلة بضم الخاء بمعنى المودة أطلق عليها ذلك إما لأنها تتخلل النفس أي تتوسطها، وأنشد:
قد تخللت مسلك الروح مني   وبه سمي الخليل خليلاً
وإما لأنها تخلها فتؤثر فيها تأثير السهم في الرمية، وإما لفرط الحاجة إليها، وهذا التمني وإن كان مسوقاً لابراز الندم والحسرة لكنه متضمن لنوع تعلل واعتذار بتوريك جنايته إلى الغير.