الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُواْ وَتُسَلِّمُواْ عَلَىٰ أَهْلِهَا ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ } الخ. وسبب النزول على ما أخرج الفريابـي وغيره من طريق عدي بن ثابت عن رجل من الأنصار أن امرأة قالت: يا رسول الله إني أكون في بيتي على الحالة التي لا أحب أن يراني عليها أحد ولا ولد ولا والد فيأتيني آت فيدخل علي فكيف أصنع؟ فنزلت: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ } الخ. وإضافة البيوت إلى ضمير المخاطبين لامية اختصاصية، والمراد عند بعض الاختصاص الملكي، ووصف البيوت بمغايرة بيوتهم بهذا المعنى خارج مخرج العادة التي هي سكنى كل أحد في ملكه وإلا فالآجر والمعير أيضاً منهيان عن الدخول بغير إذن. وقال بعضهم: المراد اختصاص السكنى أي غير بيوتكم التي تسكنونها لأن كون الآجر والمعير منهيين كغيرهما عن الدخول بغير إذن دليل على عدم إرادة الاختصاص الملكي فيحمل ذلك على الاختصاص المذكور فلا حاجة إلى القول بأن ذاك خارج مخرج العادة. وقرىء { بيوتاً غير بيوتكم } بكسر الباء لأجل الياء.

{ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُواْ } أي تستأذنوا من يملك الإذن من أصحابها، وتفسيره بذلك أخرجه ابن أبـي حاتم وابن الأنباري في «المصاحف» وابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما. ويخالفه ما روى الحاكم وصححه والضياء في «المختارة» والبيهقي في «شعب الإيمان» وناس آخرون عنه أنه قال في { حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُواْ } أخطأ الكاتب وإنما هي { حَتَّىٰ تستأذنوا } لكن قال أبو حيان: من روى عن ابن عباس إنه قال ذلك فهو طاعن في الإسلام ملحد في الدين وابن عباس برىء من ذلك القول انتهى.

وأنت تعلم أن تصحيح الحاكم لا يعول عليه عند أئمة الحديث لكن للخبر المذكور طرق كثيرة، وكتاب الأحاديث «المختارة» للضياء كتاب معتبر، فقد قال السخاوي في «فتح المغيث» في تقسيم أهل المسانيد: ومنهم من يقتصر على الصالح للحجة كالضياء في «مختارته»، والسيوطي يعد ما عد في ديباجة «جمع الجوامع» «الكتب الخمسة» وهي «صحيح البخاري» و «صحيح مسلم» و «صحيح ابن حبان» و «المستدرك» و «المختارة» للضياء قال: وجميع ما في «الكتب الخمسة» صحيح. ونقل الحافظ ابن رجب في «طبقات الحنابلة» عن بعض الأئمة أنه قال: كتاب «المختارة» خير من «صحيح الحاكم» فوجود هذا الخبر هناك مع ما ذكر من تعدد طرقه يبعد ما قاله أبو حيان، وابن الأنباري أجاب عن هذا الخبر ونحوه من الأخبار الطاعنة بحسب الظاهر في تواتر القرآن المروية عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ـ وسيأتي في تفسير هذه السورة إن شاء الله تعالى بعضها أيضاً ـ بأن الروايات ضعيفة ومعارضة بروايات / أخر عن ابن عباس أيضاً وغيره وهذا دون طعن أبـي حيان وأجاب ابن اشته عن جميع ذلك بأن المراد الخطأ في الاختيار وترك ما هو الأولى بحسب ظنه رضي الله تعالى عنه لجمع الناس عليه من الأحرف السبعة لا أن الذي كتب خطأ خارج عن القرآن.

السابقالتالي
2 3 4