الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقُل رَّبِّ ٱغْفِرْ وَٱرْحَمْ وَأنتَ خَيْرُ ٱلرَّاحِمِينَ }

{ وَقُل رَّبّ } وقرأ ابن محيصن { رب } بالضم { ٱغْفِرْ وَٱرْحَمْ وَأنتَ خَيْرُ ٱلرٰحِمِينَ } والظاهر أن طلب كل من المغفرة والرحمة على وجه العموم له عليه الصلاة والسلام ولمتبعيه وهو أيضاً أعم من طلب أصل الفعل والمداومة عليه فلا إشكال، وقد يقال في دفعه غير ذلك، وفي تخصيص هذا الدعاء بالذكر ما يدل على أهمية ما فيه، وقد علم صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق رضي الله تعالى عنه أن يقول نحوه في صلاته. فقد أخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حبان وجماعة عن أبـي بكر رضي الله تعالى عنه أنه قال: يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي قال: " قل اللهم أني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم "

ولقراءة هذه الآيات أعني قوله تعالى:أَفَحَسِبْتُمْ } [المؤمنون: 115] إلى آخر السورة على المصاب نفع عظيم وكذا المداومة على قراءة بعضها في السفر. أخرج الحكيم الترمذي وابن المنذر وأبو نعيم في «الحلية» وآخرون عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه قرأ في أذن مصابأَفَحَسِبْتُمْ } [المؤمنون: 115] حتى ختم السورة فبرأ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " والذي نفسي بيده لو أن رجلاً موقناً قرأ بها على جبل لزال " وأخرج ابن السني وابن منده وأبو نعيم في «المعرفة» بسند حسن من طريق محمد بن إبراهيم بن الحرث التميمي عن أبيه قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية وأمرنا أن نقول إذا أمسينا وأصبحناأَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَـٰكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ } [المؤمنون: 115] فقرأناها فغنمنا وسلمنا هذا والله تعالى المسؤول لكل خير.

/ ومن باب الإشارة في الآيات: قيلقَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ } [المؤمنون: 1] أي وصلوا إلى المحل الأعلى والقربة والسعادةٱلَّذِينَ هُمْ فِى صَلاَتِهِمْ خَـٰشِعُونَ } [المؤمنون: 2] ظاهراً وباطناً، والخشوع في الظاهر انتكاس الرأس والنظر إلى موضع السجود وإلى ما بين يديه وترك الالتفات والطمأنينة في الأركان ونحو ذلك، والخشوع في الباطن سيكون النفس عن الخواطر والهواجس الدنيوية بالكلية أو ترك الاسترسال معها وحضور القلب لمعاني القراءة والأذكار ومراقبة السر بترك الالتفات إلى المكونات واستغراق الروح في بحر المحبة، والخشوع شرط لصحة الصلاة عند بعض الخواص نقل الغزالي عن أبـي طالب المكي عن بشر الحافي من لم يخشع فسدت صلاته وهو قول لبعض الفقاء وتفضيله في كتبهم، ولا خلاف في أنه لا ثواب في قول أو فعل من أقوال أو أفعال الصلاة أدي مع الغفلة؛ وما أقبح مصل يقولٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } [الفاتحة: 2] وهو غافل عن الرب جل شأنه متوجه بشراشره إلى الدرهم والدينار ثم يقول:

السابقالتالي
2