الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّىٰ أَلْقَى ٱلشَّيْطَانُ فِيۤ أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ ٱللَّهُ مَا يُلْقِي ٱلشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ ٱللَّهُ آيَاتِهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }

{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِىّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّىٰ أَلْقَى ٱلشَّيْطَـٰنُ فِى أُمْنِيَّتِهِ } «من» الأولى ابتدائية، والثانية مزيدة لاستغراق الجنس، والجملة المصدرة بإذا في موضع الحال عند أبـي حيان، وقيل: في موضع الصفة وأفرد الضمير بتأويل كل واحد أو بتقدير جملة مثل الجملة المذكورة كما قيل في قوله تعالى:وَٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ } [التوبة: 62] والظاهر أن «إذا» شرطية ونص على ذلك الحوفي لكن قالوا: إن «إلا» في النفي إما أن يليها مضارع نحو ما زيد إلا يفعل وما رأيت زيداً إلا يفعل أو يليها ماض بشرط أن يتقدمه فعل كقوله تعالى:وَمَا يَأْتِيهِم مّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ } [الحجر: 11] الخ أو يكون الماضي مصحوباً بقد نحو ما زيد إلا قد قام، ويشكل عليه هذه الآية إذ لم يلها فيها مضارع ولا ماض بل جملة شرطية فإن صح ما قالوه احتيج إلى التأويل، وأول ذلك في «البحر» بأن «إذا» جردت للظرفية وقد فصل بها وبما أضيفت إليه بين إلا والفعل الماضي الذي هو «ألقى» وهو فصل جائز فتكون إلا قد وليها ماض في التقدير ووجد الشرط، وعطف «نبي» على «رسول» يدل على المغايرة بينهما وهو الشائع، ويدل على المغايرة أيضاً ما روي أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن الأنبياء فقال: مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً قيل: فكم الرسل منهم؟ قال: ثلثمائة وثلاثة عشر جماً غفيراً، وقد أخرج ذلك ـ كما قال السيوطي ـ أحمد وابن راهويه في «مسنديهما» من حديث أبـي أمامة، وأخرجه ابن حبان في «صحيحه» والحاكم في «مستدركه» من حديث أبـي ذر. وزعم ابن الجوزي أنه موضوع وليس كذلك، نعم قيل في سنده ضعف جبر بالمتابعة؛ وجاء في رواية الرسل ثلثمائة وخمسة عشر.

واختلفوا هنا في تفسير كل منهما فقيل: الرسول ذكر حر بعثه الله تعالى بشرع جديد يدعو الناس إليه والنبـي يعمه ومن بعثه لتقرير شرع سابق كأنبياء بني إسرائيل الذين كانوا بين موسى وعيسى عليهم السلام، وقيل: الرسول ذكر حر بعثه الله تعالى إلى قوم بشرع جديد بالنسبة إليهم وإن لم يكن / جديداً في نفسه كإسماعيل عليه السلام إذ بعث لجرهم أولاً والنبـي يعمه ومن بعث بشرع غير جديد كذلك، وقيل: الرسول ذكر حر له تبليغ في الجملة وإن كان بياناً وتفصيلاً لشرع سابق والنبـي من أوحي إليه ولم يؤمر بتبليغ أصلاً أو أعم منه ومن الرسول، وقيل: الرسول من الأنبياء من جمع إلى المعجزة كتاباً منزلاً عليه والنبـي غير الرسول من لا كتاب له، وقيل: الرسول من له كتاب أو نسخ في الجملة والنبـي من لا كتاب له ولا نسخ، وقيل الرسول من يأتيه الملك عليه السلام بالوحي يقظة والنبـي يقال له ولمن يوحى إليه في المنام لا غير، وهذا أغرب الأقوال ويقتضي أن بعض الأنبياء عليه السلام لم يوح إليه إلا مناماً وهو بعيد ومثله لا يقال بالرأي.

السابقالتالي
2 3