الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ }

{ أُذِنَ } أي رخص، وقرأ ابن عباس وابن كثير وابن عامر وحمزة والكسائي { أذن } بالبناء للفاعل أي أذن الله تعالى { لِلَّذِينَ يُقَـٰتَلُونَ } أي يقاتلهم المشركون والمأذون فيه القتال وهو في قوة المذكور لدلالة المذكور عليه دلالة نيرة. وقرأ أبو عمرو وأبو بكر ويعقوب { يُقَـٰتَلُونَ } على صيغة المبنى للفاعل أي يريدون أن يقاتلوا المشركين في المستقبل ويحرصون عليه فدلالته على المحذوف أنور { بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ } أي بسبب أنهم ظلموا. والمراد بالموصول أصحاب النبـي صلى الله عليه وسلم الذين في مكة فقد نقل الواحدي وغيره أن المشركين كانوا يؤذونهم وكانوا يؤتون النبـي عليه الصلاة والسلام بين مضروب ومشجوج ويتظلمون إليه صلوات الله تعالى / وسلامه عليه فيقول لهم: اصبروا فإني لم أومر بالقتال حتى هاجر فأنزلت هذه الآية وهي أول آية نزلت في القتال بعدما نهى عنه في نيف وسبعين آية على ما روى الحاكم في «المستدرك» عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وأخرجه عبد الرزاق وابن المنذر عن الزهري. وأخرج ابن جرير عن أبـي العالية أن أول آية نزلت فيهوَقَـٰتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يُقَـٰتِلُونَكُمْ } [البقرة: 190] وفي «الإكليل» للحاكم أن أول آية نزلت في ذلكإِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوٰلَهُمْ } [التوبة: 111]، وروى البيهقي في «الدلائل» وجماعة أنها نزلت في أناس مؤمنين خرجوا مهاجرين من مكة إلى المدينة فاتبعهم كفار قريش فأذن الله تعالى لهم في قتالهم وعدم التصريح بالظالم لمزيد السخط تحاشياً عن ذكره.

{ وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ } وعد لهم بالنصر وتأكيد لما مر من العدة وتصريح بأن المراد به ليس مجرد تخليصهم من أيدي المشركين بل تغليبهم وإظهارهم عليهم، وقد أخرج الكلام على سنن الكبرياء فإن الرمزة والابتسامة من الملك الكبير كافية في تيقن الفوز بالمطلوب وقد أوكد تأكيداً بليغاً زيادة في توطين نفوس المؤمنين.