الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَآ إِلَىٰ ٱلْبَيْتِ ٱلْعَتِيقِ }

{ لَكُمْ فِيهَا } أي في الشعائر بالمعنى السابق { مَنَـٰفِعُ } هي درها ونسلها وصوفها وركوب ظهورها { إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } وهو وقت أن يسميها ويوجبها هدياً وحينئذ ليس لهم شيء من منافعها قاله ابن عباس في رواية مقسم ومجاهد وقتادة والضحاك، وكذا عند الإمام أبـي حنيفة فإن المهدي عنده بعد التسمية والإيجاب لا يملك منافع الهدي أصلاً لأنه لو ملك ذلك لجاز له أن يؤجره للركوب وليس له ذلك اتفاقاً، نعم يجوز له الانتفاع عند الضرورة وعليه يحمل ما روي عن أبـي هريرة " أنه صلى الله عليه وسلم مر برجل يسوق هديه وهو في جهاد فقال عليه الصلاة والسلام: اركبها فقال يا رسول الله: إنها هدي فقال: اركبها ويلك " وقال عطاء: منافع الهدايا بعد إيجابها وتسميتها هدياً أن تركب ويشرب لبنها عند الحاجة إلى أجل مسمى وهو وقت أن تنحر وإلى ذلك ذهب الشافعي، فعن جابر أنه صلى الله عليه وسلم قال: " اركبوا الهدي بالمعروف حتى تجدوا ظهراً " واعترض على ما تقدم بأن مولى أم الولد يملك الانتفاع بها وليس له أن يبيعها فلم لا يجوز أن يكون الهدي كذلك لا يملك المهدي بيعه وإجارته ويملك الانتفاع به بغير ذلك، وقيل الأجل المسمى وقت أن تشعر فلا تركب حينئذ إلا عند الضرورة. وروى أبو رزين عن ابن عباس الأجل المسمى وقت الخروج من مكة، وفي رواية أخرى عنه وقت الخروج والانتقال من هذه الشعائر إلى غيرها، وقيل الأجل المسمى يوم القيامة ولا يخفى ضعفه.

{ ثُمَّ مَحِلُّهَا } أي وجوب نحرها على أن يكون محل مصدراً ميمياً بمعنى الوجوب من حل الدين إذا وجب أو وقت نحرها على أن يكون اسم زمان، وهو على الاحتمالين معطوف على { مَنَـٰفِعُ } والكلام على تقدير مضاف. / وقوله تعالى: { إِلَىٰ ٱلْبَيْتِ ٱلْعَتِيقِ } في موضع الحال أي منتهية إلى البيت، والمراد به ما يليه بعلاقة المجاورة فإنها لا تنتهي إلى البيت نفسه وإنما تنتهي إلى ما يقرب منه، وقد جعلت منى منحراً ففي الحديث " كل فجاج مكة منحر وكل فجاج منى منحر " وقال القفال: هذا في الهدايا التي تبلغ منى وأما الهدي المتطوع به إذا عطب قبل بلوغ مكة فمنحره موضعه، وقالت الإمامية: منحر هدي الحج منى ومنحر هدي العمرة المفردة مكة قبالة الكعبة بالحزورة، و { ثُمَّ } للتراخي الزماني أو الرتبـي أي لكم فيها منافع دنيوية إلى أجل مسمى وبعده لكم منفعة دينية مقتضية للثواب الأخروي وهو وجوب نحرها أو وقت نحرها، وفي ذلك مبالغة في كون نفس النحر منفعة، والتراخي الرتبـي ظاهر وأما التراخي الزماني فهو باعتبار أول زمان الثبوت فلا تغفل.

السابقالتالي
2