الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ ٱلْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَآءُ وَأَهْلَكْنَا ٱلْمُسْرفِينَ }

وقوله تعالى: { ثم صدقناهم الوعد } قيل: عطف على ما يفهم من حكاية وحيه تعالى الى المرسلين على الاستمرار التجديدي كأنه قيل أوحينا إليهم ما أوحينا ثم صدقناهم الوعد الذي وعدناهم في تضاعيف الوحي بإهلاك أعدائهم، وقيل عطف علىنُّوحِى } [الأنبياء: 7] السابق بمعنى أوحينا، وتوسيط الأمر بالسؤال وما معه اهتماماً بإلزامهم والرد عليهم، وقال الخفاجي: هو عطف على قوله تعالى:أَرْسَلْنَا } [الأنبياء: 7] وثم للتراخي الذكري أي أرسلنا رسلاً من البشر وصدقناهم ما وعدناهم فكذا محمد صلى الله عليه وسلم فاحذروا تكذيبه ومخالفته فالآيات كما تضمنت الجواب تضمنت التهديد انتهى، وفيه تأمل، ونصب { الوعد } على نزع الخافض والأصل صدقناهم في الوعد ومنه صدقوهم القتال وصدقني سن بكره، وقيل: على أنه مفعول ثان وصدق قد تتعدى للمفعولين من غير توسط حرف الجر أصلاً.

{ فَأَنجَيْنَـٰهُمْ وَمَن نَّشَاء } أي من المؤمنين بهم كما عليه جماعة من المفسرين، وقيل منهم ومن غيرهم ممن تستدعي الحكمة إبقاءه كمن سيؤمن هو أو بعض فروعه بالآخرة وهو السر في حماية الذين كذبوه وآذوه صلى الله عليه وسلم من عذاب الاستئصال، ورجح ما عليه الجماعة بالمقابلة بقوله تعالى: { وَأَهْلَكْنَا ٱلْمُسْرفِينَ } وذلك لحمل التعريف على الاستغراق والمسرفين على الكفار مطلقا لقوله تعالى:وَأَنَّ ٱلْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ } [غافر: 43] بناء على أن المراد بأصحاب النار ملازموها والمخلدون فيها ولا يخلد فيها عندنا إلا الكفار، ومن عمم أولاً قال: المراد بالمسرفين من عدا أولئك المنجين، والتعبير بمن نشاء دون من آمن أو من معهم مثلاً ظاهر في أن المراد بذلك المؤمنون وآخرون معهم ولا يظهر على التخصيص وجه العدول عما ذكر إلى ما في النظم الكريم والتعبير بنشاء مع أن الظاهر شئنا لحكاية الحال الماضية