الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ }

{ وَأَيُّوبَ } الكلام فيه كما مر في قوله تعالى:وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَـٰنَ } [الأنبياء:78] { إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنّى } أي بأني { مَسَّنيَ ٱلضُّرُّ } وقرأ عيسى بن عمر بكسر الهمزة على إضمار القول عند البصريين أي قائلاً إني، ومذهب الكوفيين إجراء نادى مجرى قال، والضر بالفتح شائع في كل ضرر وبالضم خاص بما في النفس من مرض وهزال ونحوهما { وَأَنتَ أَرْحَمُ ٱلرٰحِمِينَ } أي وأنت أعظم رحمة من كل من يتصف بالرحمة في الجملة وإلا فلا راحم في الحقيقة سواه جل شأنه وعلاه، ولا يخفى ما في وصفه تعالى بغاية الرحمة بعدما ذكر نفسه بما يوجبها مكتفياً بذلك عن عرض الطلب من استمطار سحائب الرحمة على ألطف وجهه.

ويحكى في التلطف في الطلب أن امرأة شكت إلى بعض ولد سعد بن عبادة قلة الفار في بيتها فقال: املؤا بيتها خبزاً وسمناً ولحماً، وهو عليه السلام على ما قال ابن جرير: ابن أموص بن رزاح بن عيص بن إسحٰق، وحكى ابن عساكر / أن أمه بنت لوط عليه السلام وأن أباه ممن آمن بإبراهيم عليه السلام فعلى هذا كان قبل موسى عليه السلام، وقال ابن جرير: كان بعد شعيب عليه السلام، وقال ابن أبـي خيثمة: كان بعد سليمان عليه السلام. وأخرج ابن سعد عن الكلبـي قال: أول نبـي بعث إدريس ثم نوح ثم إبراهيم ثم إسمٰعيل وإسحٰق ثم يعقوب ثم يوسف ثم لوط ثم هود ثم صالح ثم شعيب ثم موسى وهٰرون ثم إلياس ثم اليسع ثم يونس ثم أيوب عليهم السلام، وقال ابن إسحٰق: الصحيح أنه كان من بني إسرائيل ولم يصح في نسبه شيء إلا أن اسم أبيه أموص.

وكان عليه السلام على ما أخرج الحاكم من طريق سمرة عن كعب طويلاً جعد الشعر واسع العينين حسن الخلق قصير العنق عريض الصدر غليظ الساقين والساعدين وكان قد اصطفاه الله تعالى وبسط عليه الدنيا وكثر أهله وماله فكان له سبعة بنين وسبع بنات وله أصناف البهائم وخمسمائة فدان يتبعها خمسمائة عبد لكل عبد امرأة وولد فابتلاه الله تعالى بذهاب ولده بهدم بيت عليهم وبذهاب أمواله وبالمرض في بدنه ثماني عشرة سنة أو ثلاث عشرة سنة أو سبعاً وسبعة أشهر وسبعة أيام وسبع ساعات أو ثلاث سنين، وعمره إذ ذاك سبعون سنة، وقيل ثمانون سنة، وقيل أكثر، ومدة عمره على ما روى الطبراني ثلاث وتسعون سنة وقيل أكثر.

روي أن امرأته وكونها ماضر بنت ميشا بن يوسف عليه السلام أو رحمة بنت افراثيم بن يوسف إنما يتسنى على بعض الروايات السابقة في زمانه عليه السلام ـ قالت له يوماً: لو دعوت الله تعالى فقال: كم كانت مدة الرخاء فذكرت مدة كثيرة وفي بعض الروايات ثمانين سنة فقال عليه السلام: أتسحي من الله تعالى أن أدعوه وما بلغت مدة بلائي مدة رخائي.

السابقالتالي
2