الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ يَوْمَ نَطْوِي ٱلسَّمَآءَ كَطَيِّ ٱلسِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَآ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ }

{ يَوْمَ نَطْوِى ٱلسَّمَاء } منصوب باذكر، وقيل ظرف لِـلاَ يَحْزُنُهُمُ } [الأنبياء:103]، وقيل للفزع، والمصدر المعرف وإن كان ضعيفاً في العمل لا سيما وقد فصل بينه وبين معموله بأجنبـي إلا أن الظرف محل التوسع قاله في «الكشف». وقال الخفاجي: إن المصدر الموصوف لا يعمل على الصحيح وإن كان الظرف قد يتوسع فيه، وقيل ظرف لِـتَتَلَقَّاهُمُ } [الأنبياء:103]، وقيل هو بدل من العائد المحذوف منتُوعَدُونَ } [الأنبياء:103] بدل كل من كل وتوهم أنه بدل اشتمال، وقيل حال مقدرة من ذلك العائد لأن يوم الطي بعد الوعد.

وقرأ شيبة بن نصاح وجماعة { يطوي } بالياء والبناء للفاعل وهو الله عز وجل. وقرأ أبو جعفر وأخرى بالتاء الفوقية والبناء للمفعول ورفع { ٱلسَّمَاء } على النيابة، والطي ضد النشر، وقيل الإفناء والإزالة من قولك: اطو عني هذا الحديث، وأنكر ابن القيم إفناء السماء وإعدامها إعداماً صرفاً وادعى أن النصوص إنما تدل على تبديلها وتغييرها من حال إلى حال، ويبعد القول بالإفناء ظاهر التشبيه في قوله تعالى: { كَطَيِّ ٱلسِّجِلِّ } وهو الصحيفة على ما أخرج ابن جرير وغيره عن مجاهد ونسبه في «مجمع البيان» إلى ابن عباس وقتادة والكلبـي أيضاً، وخصه بعضهم بصحيفة العهد، وقيل: هو في الأصل حجر يكتب فيه ثم سمي به كل ما يكتب فيه من قرطاس وغيره، والجار والمجرور في موضع الصفة لمصدر مقدر أي طياً كطي الصحيفة، وقرأ أبو هريرة وصاحبه أبو زرعة بن عمرو بن جرير { السجل } بضمتين وشد اللام، والأعمش وطلحة وأبو السمال { السجل } بفتح السين، والحسن وعيسى بكسرها والجيم في هاتين القراءتين ساكنة واللام مخففة، وقال أبو عمرو: قرأ أهل مكة كالحسن.

واللام في قوله تعالى: { لِلْكُتُبِ } متعلق بمحذوف هو حال من { ٱلسّجِلّ } أو صفة له على رأي من يجوز حذف الموصول مع بعض صلته أي كطي السجل كائناً للكتب أو الكائن للكتب فإن الكتب عبارة عن الصحائف وما كتب فيها فسجلها بعض أجزائها وبه يتعلق الطي حقيقة، وقرأ الأعمش { لِلْكُتُبِ } بإسكان التاء، وقرأ الأكثر { للكتاب } بالإفراد وهو إما مصدر واللام للتعليل أي كما يطوى الطومار للكتابة أي ليكتب فيه وذلك كناية عن اتخاذه لها ووضعه مسوى مطوياً حتى إذا احتيج إلى الكتابة لم يحتج إلى تسويته فلا يرد أن المعهود نشر الطومار للكتابة لا طيه لها، وإما اسم كالإمام فاللام كما ذكر أولاً.

وأخرج عبد حميد عن علي كرم الله تعالى وجهه أن السجل اسم ملك، وأخرج ذلك ابن أبـي حاتم وابن عساكر عن الباقر رضي الله تعالى عنه، وأخرج ابن جرير وغيره عن السدي نحوه إلا أنه قال: إنه موكل / بالصحف فإذا مات الإنسان وقع كتابه إليه فطواه ورفعه إلى يوم القيامة، واللام على هذا قيل متعلقة بطي، وقيل سيف خطيب، وكونها بمعنى على كما ترى.

السابقالتالي
2 3 4 5 6