الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُوۤاْ إِنْ هَـٰذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ ٱلْمُثْلَىٰ }

{ قَالُواْ } أي بطريق التناجي والإسرار { إِنْ هَـٰذٰنِ لَسَاحِرٰنِ } الخ فإنه تفسير لذلك ونتيجة التنازع وخلاصة ما استقرت / عليه آراؤهم بعد التناظر والتشاور. وقيل: كان نجواهم أن قالوا حين سمعوا مقالة موسى عليه السلام ما هذا بقول ساحر، وروي ذلك عن محمد بن إسحاق. وقيل: كان ذلك أن قالوا: إن غلبنا موسى اتبعناه، ونقل ذلك عن الفراء والزجاج. وقيل: كان ذلك أن قالوا: إن كان هذا ساحراً فسنغلبه وإن كان من السماء فله أمر، وروي ذلك عن قتادة، وعلى هذه الأقوال يكون المراد منأَمَرَهُمْ } [طه: 62] أمر موسى عليه السلام وإضافته إليهم لأدنى ملابسة لوقوعه فيما بينهم واهتمامهم به ويكون إسرارهم من فرعون وملئه، ويحمل قولهم: { إِنْ هَـٰذٰنِ لَسَاحِرٰنِ } الخ على أنهم اختلفوا فيما بينهم من الأقاويل المذكورة ثم استقرت آراؤهم على ذلك وأبوا إلا المناصبة للمعارضة وهو كلام مستأنف استئنافاً بيانياً كأنه قيل: فماذا قالوا للناس بعد تمام التنازع فقيل: { قَالُواْ إِنْ هَـٰذٰنِ } الخ. وجعل الضمير في { قَالُواْ }: لفرعون وملئه على أنهم قالوا ذلك للسحرة رداً لهم عن الاختلاف وأمراً بالإجماع والإزماع وإظهار الجلادة مخل بجزالة النظم الكريم كما يشهد به الذوق السليم، نعم لو جعل ضميرتَنَـٰزَعُواْ } [طه: 62] والضمائر الذي بعده لهم كما ذهب إليه أكثر المفسرين أيضاً لم يكن فيه ذلك الإخلال، وإن مخففة من إن وقد أهملت عن العمل واللام فارقة.

وقرأ ابن كثير بتشديد نون { هَـٰذان } وهو على خلاف القياس للفرق بين الأسماء المتمكنة وغيرها. وقال الكوفيون: إن نافية واللام بمعنى إلا أي ما هذان إلا ساحران ويؤيده أنه قرىء كذلك. وفي رواية عن أبـي أنه قرأ { إِنْ هَـٰذٰنِ إِلا ساحران }. وقرىء { إن ذان } بدون هاء التنبيه { إِلا ساحران } وعزاها ابن خالويه إلى عبد الله. وبعضهم إلى أبـي وهي تؤيد ذلك أيضاً. وقرىء { إن ذان لساحران } بإسقاط هاء التنبيه فقط. وقرأ أبو جعفر والحسن وشيبة والأعمش وطلحة وحميد وأيوب وخلف في اختياره وأبو عبيد وأبو حاتم وابن عيسى الأصبهاني وابن جرير وابن جبير الأنطاكي والأخوان والصاحبان من السبعة { إن } بتشديد النون { هَـٰذان } بألف ونون خفيفة، واستشكلت هذه القراءة حتى قيل: إنها لحن وخطأ بناءً على ما أخرجه أبو عبيد في «فضائل القرآن» عن هشام بن عروة عن أبيه قال: سألت عائشة رضي الله تعالى عنها عن لحن القرآن عن قوله تعالى: { إِنْ هَـٰذٰنِ لَسَاحِرٰنِ } وعن قوله تعالى:وَٱلْمُقِيمِينَ ٱلصَّلَٰوةَ وَٱلْمُؤْتُونَ ٱلزَّكَٰوةَ } [النساء: 162] وعن قوله تعالى:وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلصَّـٰبِئُونَ } [المائدة: 69] فقالت: يا ابن أخي هذا عمل الكتاب أخطؤا في الكتاب، وإسناده صحيح على شرط الشيخين كما قال الجلال السيوطي.

السابقالتالي
2 3 4 5