الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ ٱلزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ ٱلنَّاسُ ضُحًى }

{ قَالَ } أي موسى عليه السلام، قال في «البحر»: وأبعد من قال إن القائل فرعون ولعمري أنه لا ينبغي أن يلتفت إليه، وكأن الذي اضطر قائله الخبر السابق عن وهب بن منبه فليتذكر { مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ ٱلزّينَةِ } هو يوم عيد كان لهم في كل عام يتزينون فيه ويزينون أسواقهم كما روي عن مجاهد وقتادة، وقيل: يوم النيروز وكان رأس سنتهم. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه يوم عاشوراء وبذلك فسر في قوله صلى الله عليه وسلم: " من صام يوم الزينة أدرك ما فاته من صيام تلك السنة ومن تصدق يومئذٍ بصدقة أدرك ما فاته من صدقة تلك السنة " ، وقيل: يوم كسر الخليج، وفي «البحر» أنه باق إلى اليوم، وقيل: يوم سوق لهم، وقيل: يوم السبت وكان يوم راحة ودعة فيما بينهم كما هو اليوم كذلك بين اليهود، وظاهر صنيع أبـي حيان اختيار أنه يوم عيد صادف يوم عاشوراء وكان يوم سبت.

والظاهر أن الموعد هٰهنا اسم زمان للإخبار عنه بيوم الزينة أي زمان وعدكم اليوم المشتهر فيما بينكم، وإنما لم يصرح عليه السلام بالوعد بل صرح بزمانه مع أنه أول ما طلبه اللعين منه عليه السلام للإشارة إلى أنه عليه السلام أرغب منه فيه لما يترتب عليه من قطع الشبهة وإقامة الحجة حتى كأنه وقع منه عليه السلام قبل طلبه إياه فلا ينبغي له طلبه، وفيه إيذان بكمال وثوقه من أمره، ولذا خص عليه السلام من بين الأزمنة يوم الزينة الذي هو يوم مشهود وللاجتماع معدود، ولم يذكر عليه السلام المكان الذي ذكره اللعين لأنه بناءً على المعنى الأول والثالث فيه إنما ذكره اللعين إيهاماً للتفضل عليه عليه السلام يريد بذلك إظهار الجلادة فأعرض عليه السلام عن ذكره مكتفياً بذكر الزمان المخصوص للإشارة إلى استغنائه عن ذلك وأن كل الأمكنة بعد حصول الاجتماع بالنسبة إليه سواء. وأما على المعنى الثاني فيحتمل أنه عليه السلام اكتفى عن ذلك بما يستدعيه يوم الزينة فإن من عادة الناس في الأعياد في كل وقت وكل بلد الخروج إلى الأمكنة المستوية والاجتماع في الأرض السهلة التي لا يمنع فيها شيء عن رؤية بعضهم بعضاً، وبالجملة قد أخرج عليه الصلاة والتسليم جوابه على الأسلوب الحكيم، ولله تعالى در الكليم ودره النظيم، وقيل: الموعد هٰهنا مصدر أيضاً ويقدر مضاف لصحة الإخبار أي وعدكم وعد يوم الزينة، ويكتفي عن ذكر المكان بدلالة يوم الزينة عليه، وقيل: الموعد في السؤال اسم مكان وجعله مخلفاً على التوسع كما في قوله: ويوماً شهدنا أو الضمير في

السابقالتالي
2 3