الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي }

وقوله سبحانه: { وَٱصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِى } تذكير لقوله تعالى:وَأَنَا ٱخْتَرْتُكَ } [طه: 13] وتمهيد لإرساله عليه السلام إلى فرعون مؤيداً بأخيه حسبما استدعاه بعد تذكير المنن السابقة تأكيداً لوثوقه عليه السلام بحصول نظائرها اللاحقة، ونظم ذلك الإمام في سلك المنن المحكية وظاهر توسيط النداء يؤيد ما تقدم، والاصطناع افتعال من الصنع بمعنى الصنيعة وهي الإحسان فمعنى اصطنعه جعله محل صنيعته وإحسانه، وقال القفال: يقال اصطنع فلان فلاناً إذا أحسن إليه حتى يضاف إليه فيقال: هذا صنيع فلان وخريجه، ومعنى { لِنَفْسِى } ما روي عن ابن عباس لوحيـي ورسالتي، وقيل: لمحبتي، وعبر عنها بالنفس لأنها أخص شيء بها، وقال الزجاج: المراد اخترتك لإقامة حجتي وجعلتك بيني وبين خلقي حتى صرت في التبليغ عني بالمنزلة التي أكون أنا بها لو خاطبتهم واحتجبت عليهم، وقال غير واحد من المحققين: هذا تمثيل لما خوله عز وجل من جعله نبياً مكرماً كليماً منعماً عليه بجلائل النعم بتقريب الملك من يراه أهلاً لأن يقرب فيصطنعه بالكرامة والأثرة ويجعله من خواص نفسه وندمائه، ولا يخفى حسن هذه الاستعارة وهي أوفق بكلامه تعالى وقوله تعالى: { لِنَفْسِى } عليها ظاهر. وحاصل المعنى جعلتك من خواصي واصطفيتك برسالتي وبكلامي، وفي العدول عن نون العظمة الواقعة في قوله سبحانه:وَفَتَنَّـٰكَ } [طه: 40] ونظيريه السابقين تمهيد لإفراد النفس اللائق بالمقام فإنه أدخل في تحقيق معنى الاصطناع والاستخلاص.