الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ ٱللَّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ }

{ قُلْ مَن كَانَ عَدُوّا لِّجِبْرِيلَ } أخرج ابن أبـي شيبة في «مسنده»، وابن جرير وابن أبـي حاتم عن الشعبـي، أنه دخل عمر رضي الله تعالى عنه مِدْرَاس اليهود يوماً فسألهم عن جبريل فقالوا: ذاك عدونا، يطلع محمداً على أسرارنا، وأنه صاحب كل خسف وعذاب، وميكائيل صاحب الخصب والسلام فقال: ما منزلتهما من الله تعالى؟ قالوا: جبريل عن يمينه، وميكائيل عن يساره ـ وبينهما عداوة ـ فقال: لئن كانا كما تقولون فليسا بعدوين، ولأنتم أكفر من الحمير، ومن كان عدواً لأحدهما فهو عدو لله. ثم رجع عمر فوجد جبريل قد سبقه بالوحي، فقال صلى الله عليه وسلم: «لقد وافقك ربك يا عمر» قال عمر: لقد رأيتني بعد ذلك أصلب من الحجر، وقيل: نزلت في عبد الله بن صوريا ـ كان يهودياً من أحبار فدكَ ـ سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عمن ينزل عليه فقال: «جبريل» فقال: ذاك عدونا عادانا مراراً، وأشدها أنه أنزل على نبينا أن بيت المقدس سيخربه بخت نصر، فبعثنا من يقتله فرآه ببابل، فدفع عنه جبريل وقال: إن كان ربكم أمره بهلاككم فلا يسلطكم عليه، وإلا فبم تقتلونه؟ وصدقه الرجل المبعوث ورجع إلينا، وكبر بختنصر وقوي/ وغزانا، وخرّب بيت المقدس، روى ذلك بعض الحفاظ، وقال العراقي: لم أقف له على سند، فلعل الأول أقوى منه ـ وإن أوهمَ صنيع بعضهم العكس ـ.

و(جبريل) عَلَمُ مَلَك كان ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقرآن، وهو اسم أعجمي ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة، وأبعدَ من ذهب إلى أنه مشتق من جبروت الله وجعله مركباً تركيب مزج من مضاف ومضاف إليه، فمنعه من الصرف للعلمية، والتركيب ليس بشيء لأن ما يركب هذا التركيب يجوز فيه البناء والإضافة ومنع الصرف، فكونه لم يسمع فيه الإضافة أو البناء دليل على أنه ليس من تركيب المزج، وقد تصرفت فيه العرب على عادتها في تغيير الأسماء الأعجمية حتى بلغت فيه إلى ثلاث عشرة لغة، أفصحها وأشهرها (جبريل) كقنديل، وهي قراءة أبـي عمرو ونافع وابن عامر وحفص عن عاصم وهي لغة الحجاز، قال ورقة بن نوفل:
(وجبريل) يأتيه وميكال معهما   من الله وحي يشرح الصدر منزل
الثانية: كذلك إلا أنها ـ بفتح الجيم ـ وهي قراءة ابن كثير والحسن وابن محيصن قال الفراء: لا أحبها لأنه ليس في الكلام فعليل ـ وليس بشيء ـ لأن الأعجمي إذ عربوه قد يلحقونه بأوزانهم ـ كلجام ـ وقد لا يحلقونه بها ـ كإبريسم ـ وجبريل من هذا القبيل، مع أنه سمع ـ سَمْوِيل ـ لطائر، الثالث: جبرئيل كسلسبيل، وبها قرأ حمزة والكسائي وحماد عن أبـي بكر عن عاصم، وهي لغة قيس وتميم وكثير من أهل نجد، وحكاها الفراء، واختارها الزجاج، وقال: هي أجود اللغات، وقال حسان:

السابقالتالي
2 3