الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوۤاْ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ ٱلْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِٱلْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ ٱلْمَالِ قَالَ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي ٱلْعِلْمِ وَٱلْجِسْمِ وَٱللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }

{ وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ } شروع في التفصيل بعد الإجمال أي قال بعد أن أوحى لهم ما أوحي { إِنَّ ٱللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا } يدبر أمركم وتصدرون عن رأيه في القتال. وطالوت فيه قولان أظهرهما أنه علم أعجمي عبري ـ كداود ـ ولذلك لم ينصرف، وقيل: إنه عربـي من الطول وأصله طولوت ـ كرهبوت ورحموت ـ فقلبت ـ الواو ألفاً ـ لتحركها وانفتاح ما قبلها ومنع صرفه حينئذ للعلمية وشبه العجمة لكونه ليس من أبنية العرب، وأما ادعاء العدل عن طويل، والقول بأنه عبراني وافق العربـي فتكلف. و { مَلِكًا } حال من { طَالُوتُ } أخرج ابن أبـي حاتم عن السدي أن ـ نبيهم ـ لما دعا ربه أن يملكهم أتى بعصا يقاس بها من يملك عليهم فلم يساوها إلا طالوت. وأخرج ابن إسحق وابن جرير عن وهب بن منبه أنه لما دعا الله قال له: أنظر القرن الذي فيه الدهن في بيتك فإذا دخل عليك رجل فنش الدهن الذي فيه فهو ملك بني إسرائيل فأدهن رأسه منه وملكه عليهم فأقام ينتظر متى يدخل ذلك الرجل عليه وكان طالوت رجلاً دباغاً يعمل الأدم، وقيل: كان سقاءاً وكان من سبط بنيامين بن يعقوب عليه السلام ولم يكن فيهم نبوة ولا ملك فخرج طالوت في ابتغاء دابة له ضلت ومعه غلام فمرا ببيت النبـي فقال غلام طالوت له: لو دخلت بنا على هذا النبـي فسألناه عن أمر دابتنا فيرشدنا ويدعو لنا فيها بخير فقال طالوت: ما بما قلت من بأس فدخلا عليه فبينما هو عنده يذكر له شأن دابته ويسأله أن يدعو له إذ نش الدهن الذي في القرن فقام إليه النبـي فأخذه ثم قالت لطالوت: قرب رأسك فقربه فدهنه منه ثم قال: أنت ملك بني إسرائيل الذي أمرني الله تعالى أن أملكك عليهم فجلس عنده وقال الناس: ملك طالوت فأتت عظماء بني إسرائيل نبيهم مستغربين ذلك حيث لم يكن من بيت النبوة ولا الملك.

{ قَالُواْ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ ٱلْمُلْكُ عَلَيْنَا } أي من أين يكون أو كيف يكون له ذلك؟ والاستفهام حقيقي أو للتعجب/ لا لتكذيب نبيهم والإنكار عليه في رأي، وموضعه نصب على الحال من الملك، و ـ يكون ـ يجوز أن تكون الناقصة فيكون الخبر (له)، ـ و (علينا) ـ حال من الملك أو الخبر (علينا) و (له) حال، ويجوز أن تكون التامة فيكون له متعلقاً بها. و { عَلَيْنَا } حال { وَنَحْنُ أَحَقُّ بِٱلْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مّنَ ٱلْمَالِ } الواو الأولى: حالية، والثانية: عاطفة جامعة للجملتين أي كيف يتملك علينا والحال أنه لا يستحق التملك لوجود من هو أحق منه ولعدم ما يتوقف عليه الملك من المال، أو لعدم ما يجبر نقصه لو كان ويلحقه بالأشراف عرفاً من ذلك، وأصل ـ سعة ـ وسعة بالواو وحذفت لحذفها من يسع وكان حق الفعل كسر السين فيه ليتأتى الحذف كما في ـ يعد ـ وإنما ارتكب الفتح لحرف الحلق فهو عارض، ولذا أجرى عليه حكم الكسرة ولذلك الفتح فتحت السين في المصدر ولم تكسر كما كسرت عين عدة.

السابقالتالي
2