الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ حَافِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وٱلصَّلَٰوةِ ٱلْوُسْطَىٰ وَقُومُواْ للَّهِ قَٰنِتِينَ }

{ حَـٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوٰتِ } أي داوموا على أدائها لأوقاتها من غير إخلال كما ينبىء عنه صيغة المفاعلة المفيدة للمبالغة ولعل الأمر بها عقيب الحض على العفو، والنهي عن ترك الفضل لأنها تهيىء النفس لفواضل الملكات لكونها الناهية عن الفحشاء والمنكر، أو ليجمع بين التعظيم لأمر الله تعالى والشفقة على خلقه، وقيل: أمر بها في خلال بيان ما تعلق بالأزواج والأولاد من الأحكام الشرعية المتشابكة إيذاناً بأنها حقيقة بكمال الاعتناء بشأنها والمثابرة عليها من غير اشتغال عنها بشأن أولئك فكأنه قيل: لا يشغلنكم التعلق بالنساء وأحوالهن وتوجهوا إلى مولاكم بالمحافظة على ما هو عماد الدين ومعراج المؤمنين.

{ وٱلصَّلَٰوةِ ٱلْوُسْطَىٰ } أي المتوسطة بينها أو الفضلى منها، وعلى الأول استدل بالآية على أن الصلوات خمس/ بلا زيادة دون الثاني، وفي تعيينها أقوال: أحدها أنها الظهر لأنها تفعل في وسط النهار، الثاني أنها العصر لأنها بين صلاتي النهار وصلاتي الليل وهو المروي عن علي والحسن وابن عباس وابن مسعود وخلق كثير وعليه الشافعية والثالث: أنها المغرب، وعليه قبيصة بن ذؤيب لأنها وسط في الطول والقصر والرابع: أنها صلاة العشاء لأنها بين صلاتين لا يقصران. والخامس: أنها الفجر لأنها بين صلاتي الليل والنهار ولأنها صلاة لا تجمع مع غيرها فهي منفردة بين مجتمعين وهو المروي عن معاذ وجابر وعطاء وعكرمة ومجاهد واختاره الشافعي رضي الله تعالى عنه نفسه، وقيل: المراد بها صلاة الوتر، وقيل: الضحى، وقيل: عيد الفطر، وقيل: عيد الأضحى، وقيل: صلاة الليل، وقيل: صلاة الجمعة، وقيل: الجماعة، وقيل: صلاة الخوف (وقيل، وقيل..).

والأكثرون صححوا أنها صلاة العصر لما أخرج مسلم من حديث علي كرم الله تعالى وجهه " أنه صلى الله عليه وسلم قال يوم الأحزاب: شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله تعالى بيوتهم ناراً " وخصت بالذكر لأنها تقع في وقت اشتغال الناس لا سيما العرب، قال بعض المحققين: والذي يقتضيه الدليل من بين هذه الأقوال أنها الظهر ونسب ذلك إلى الإمام أبـي حنيفة رضي الله تعالى عنه، وبيان ذلك أن سائر الأقوال ليس لها مستند يقف له العجلان سوى القول بأنها صلاة العصر، والأحاديث الواردة بأنها هي قسمان: مرفوعة وموقوفة، والموقوفة لا يحتج بها لأنها أقوال صحابة عارضها أقوال صحابة آخرين أنها غيرها، وقول الصحابي لا يحتج به إذا عارضه قول صحابـي آخر قطعاً وإنما جرى الخلاف في الاحتجاج به عند عدم المعارضة، وأما المرفوعة فغالبها لا يخلو إسناده عن مقال والسالم من المقال قسمان: مختصر بلفظ الصلاة الوسطى صلاة العصر، ومطول فيه قصة وقع في ضمنها هذه الجملة، والمختصر مأخوذ من المطول اختصره بعض الرواة فوهم في اختصاره على ما ستسمع، والأحاديث المطولة كلها لا تخلو من احتمال فلا يصح الاستدلال بها فقوله من حديث مسلم:

السابقالتالي
2 3