الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَنْكِحُواْ ٱلْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنْكِحُواْ ٱلْمُشِرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـٰئِكَ يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ وَٱللَّهُ يَدْعُوۤاْ إِلَى ٱلْجَنَّةِ وَٱلْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ }

{ وَلاَ تَنْكِحُواْ ٱلْمُشْرِكَـٰتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ } روى الواحدي وغيره عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً من غنى يقال له مرثد بن أبـي مرثد حليفاً لبني هاشم إلى مكة ليخرج أناساً من المسلمين بها أسرى فلما قدمها سمعت به امرأة يقال لها عناق وكانت خليلة له في الجاهلية فلما أسلم أعرض عنها فأتته فقالت: ويحك يا مرثد ألا تخلو فقال لها: إن الإسلام قد حال بيني وبينك وحرمه علينا ولكن إن شئت تزوجتك فقالت: نعم فقال: إذا رجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم استأذنته في ذلك ثم تزوجتك فقالت له: أبـي تتبرم؟ ثم استعانت عليه فضربوه ضرباً وجيعاً ثم خلوا سبيله فلما قضى/ حاجته بمكة انصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعاً وأعلمه الذي كان من أمره وأمر عناق وما لقي بسببها فقال: يا رسول الله أيحل أن أتزوجها ـ وفي رواية ـ أنها تعجبني فنزلت» وتعقب ذلك السيوطي بأن هذا ليس سبباً لنزول هذه الآية وإنما هو سبب في نزول آية النور [3]ٱلزَّانِى لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً } وروى السدي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن هذه نزلت في عبد الله بن رواحة وكانت له أمة سوداء وأنه غضب عليها فلطمها ثم إنه فزع فأتى النبـي صلى الله عليه وسلم فأخبره خبرها فقال له النبـي صلى الله عليه وسلم: " ما هي يا عبد الله؟ فقال: هي يا رسول الله تصوم وتصلي وتحسن الوضوء وتشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسوله فقال: يا عبد الله هي مؤمنة قال عبد الله: فوالذي بعثك بالحق نبياً لأعتقنها ولأتزوجنها ففعل فطعن عليه ناس من المسلمين فقالوا: نكح أمة وكانوا يريدون أن ينكحوا إلى المشركين وينكحوهم رغبة في أنسابهم فأنزل الله تعالى: { وَلاَ تَنْكِحُواْ } الآية " وقرىء بفتح ـ التاء ـ وبضمها وهو المروي عن الأعمش أي لا تتزوجوهن أو لا تزوجوهن من المسلمين وحمل كثير من أهل العلم المشركات على ما عدا الكتابيات فيجوز نكاح الكتابيات عنده لقوله تعالى:لَمْ يَكُنِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ وَٱلْمُشْرِكِينَ } [البينة: 1] ومَّا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ وَلاَ ٱلْمُشْرِكِينَ } [البقرة: 105] والعطف يقتضي المغايرة؛ وأخرج ابن حميد عن قتادة المراد بالمشركات مشركات العرب التي ليس لهن كتاب، وعن حماد قال: سألت إبراهيم عن تزويج اليهودية والنصرانية. فقال: لا بأس به فقلت: أليس الله تعالى يقول: { وَلاَ تَنْكِحُواْ ٱلْمُشْرِكَـٰتِ }؟ فقال: إنما ذلك المجوسيات وأهل الأوثان، وذهب البعض إلى أنها تعم الكتابيات قيل: لأن من جحد نبوة نبينا عليه الصلاة والسلام فقد أنكر معجزته وأضافها إلى غيره تعالى وهذا هو الشرك بعينه ولأن الشرك وقع في مقابلة الإيمان فيما بعد ولأنه تعالى أطلق الشرك على أهل الكتاب لقوله:

السابقالتالي
2 3 4